عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.

عادل إمام بين الفن والسياسة: ملحمة مواجهة الرقابة

سلسلة تقارير : فنانون في مواجهة الرقابة

خط النار

ندي محمد

5/16/20251 دقيقة قراءة

كان الزعيم عادل إمام، على مدار مسيرته الفنية الطويلة، مصدرًا للجدل والنقد، ليس فقط بسبب اختياراته الفنية، بل أيضًا بسبب تفاعله مع القضايا السياسية والاجتماعية في مصر. فقد كانت أفلام الزعيم من أشهر الأعمال التي عكست التوترات السياسية، وصوت الجمهور ضد السلطة في المجتمع المصري. من انتقادات الرئيس عبد الفتاح السيسي لفيلم "الإرهاب والكباب" إلى المخاطر التي تعرض لها في أفلام مثل "الإرهابي" و"عمارة يعقوبيان"، مرورًا بمحاولات الاغتيال والمؤامرات السياسية التي أحاطت به.

الرئيس المصري وفيلم "الإرهاب والكباب": نقد من أعلى المستويات

في واحدة من المرات النادرة التي يعلق فيها على عمل فني، أثار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي جدلاً واسعًا في عام 2023 حين انتقد فيلم "الإرهاب والكباب" لعادل إمام، رغم مرور أكثر من 30 عامًا على صدوره. جاءت تصريحاته خلال إطلاق المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية، لكنها سرعان ما تحولت إلى ترند على مواقع التواصل الاجتماعي، مع موجة واسعة من التعليقات والانقسامات.

لم يكتفِ الرئيس السيسي بالإشارة إلى الفيلم، بل وجّه له نقدًا صريحًا، قائلًا: "الفيلم خلى المواطن خصم الدولة، بدل ما يخلي السلبية هي الخصم". وأضاف بلهجة غاضبة: "المواطن اللي ما بيشتغلش هو الخصم... مش البلد"، ملمحًا إلى أن هذا النوع من الخطاب الفني ساهم – من وجهة نظره – في تغذية مشاعر الغضب ضد مؤسسات الدولة، وهو ما تجلى لاحقًا في أحداث ثورة 2011.

وقارن الرئيس الوضع المصري باقتصادات دول أخرى مثل سنغافورة وفنلندا، معتبرًا أن تحميل الدولة وحدها مسؤولية تدهور الخدمات يُعد طرحًا غير منصف، وعلق قائلاً: "في 2011 هدوها... واللي بيروح ما بيرجعش، لكن ربنا أفاض علينا".

"الإرهابي" (1994): مواجهة الفكر المتطرف رغم المخاطر

لم يكن فيلم "الإرهابي" مجرد مغامرة فنية لعادل إمام، بل كان قرارًا محفوفًا بالمخاطر في وقت كانت الجماعات المتطرفة تنفذ عمليات اغتيال واسعة النطاق في مصر. ذكر إمام في أحد لقاءاته التلفزيونية مع الإعلامية هالة سرحان أن زوجته، هالة الشلقاني، كانت تعارض مشاركته في الفيلم بشدة خوفًا على حياته، لا سيما بعد تلقيه تهديدات مباشرة. دفع ذلك وزارة الداخلية آنذاك إلى تخصيص حراسة مشددة له رافقته في كل تحركاته.

وأضاف إمام أن العمل على الفيلم مع السيناريست لينين الرملي تزامن مع محاولتي اغتيال بارزتين: الأولى طالت وزير الإعلام الأسبق صفوت الشريف، والثانية كانت لمحاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق حسن الألفي، والتي أسفرت عن مقتل 21 شخصًا أمام مسرح الليسيه، حيث كان إمام يقدم مسرحيته الشهيرة "الواد سيد الشغال". هذه الأحداث زادت من إصرار زوجته على منعه من استكمال الفيلم، لكنه رفض تدخلها في قراراته الفنية مؤكدًا أن "الفن موقف"، وواصل العمل رغم التهديدات، ليقدم واحدًا من أكثر أفلامه تأثيرًا في مواجهة الفكر المتطرف.

"عمارة يعقوبيان" (2006): مرآة لتغيرات المجتمع المصري

جاء فيلم "عمارة يعقوبيان"، المأخوذ عن رواية علاء الأسواني، كمرآة حادة تعكس تحولات المجتمع المصري في بداية الألفية الجديدة، وفتح الباب على مصراعيه لمناقشة قضايا كانت طيّ الكتمان. اعتبره كثير من النقاد حدثًا سياسيًا بامتياز، ليس فقط لجرأة الطرح، بل لتوقيته في لحظة سياسية ضبابية كانت البلاد فيها تتقلب بين مظاهر الاستقرار السطحي وتراكم الأزمات.

يرى الكاتب الصحفي أحمد شوقي علي، في حوار صحفي سابق، أن الرواية – ومن ثم الفيلم – شكّلت صدمة للوعي الجمعي، إذ نبشت في عمق العلاقة المعقدة بين المواطن والدولة، وبين السياسة والحياة اليومية. بينما أشار الروائي أشرف الخمايسي إلى أن "عمارة يعقوبيان" كسرت الحواجز في تناول العلاقات الإنسانية المسكوت عنها، وهو ما ساعد على انتشارها بين شرائح واسعة من المجتمع، حتى بين البسطاء.

"طيور الظلام": عندما يسبق الفن الزمن

يُعد فيلم "طيور الظلام" من أجرأ أفلام عادل إمام للسيناريست وحيد حامد، حيث كشف مبكرًا – وبصورة لاذعة – التحالف الخفي بين الفساد السياسي والتطرف الديني، في مجتمع يتأرجح بين مطرقة الاستبداد وسندان الشعارات الزائفة.

عبر شخصيات ثلاث محامين يمثلون السلطة والتيارات الإسلامية والشعب البسيط، قدم الفيلم إسقاطًا سياسيًا عبقريًا سبق زمنه، متنبئًا بمآلات بدت وقتها بعيدة لكنها أصبحت واقعًا بعد سنوات. ولم يقدم العمل أجوبة مباشرة بقدر ما طرح أسئلة قاسية عن الهوية والمصير والديمقراطية الزائفة. بلغة سينمائية ذكية، لم تخلُ من الرمزية، جسّد "طيور الظلام" مشهدًا سياسيًا كاملاً، وظل رغم مرور السنوات مرآة تعكس صراعات ما زالت قائمة، ليبقى من الأعمال التي لا يبهت بريقها مع الزمن.

حكم قضائي ضد عادل إمام: قضايا تمس حرية التعبير

أصدرت إحدى محاكم القاهرة حكمًا بالسجن لمدة ثلاثة أشهر ضد الفنان المصري عادل إمام، بعد إدانته بتهمة "الإساءة إلى الدين الإسلامي" من خلال أعمال فنية سابقة. الحكم، الذي صدر غيابيًا، شمل أيضًا غرامة مالية قدرها 1000 جنيه مصري، إلا أن إمام أعلن استئناف الحكم مما يمنع تنفيذه لحين نظر المحكمة في الطعن.

وقال إمام في تصريحات صحفية إن القضايا التي رُفعت ضده استهدفت أعمالًا مثل "الإرهابي"، و"مرجان أحمد مرجان"، ومسرحية "الزعيم"، والتي تناولت، من وجهة نظره، قضايا اجتماعية وسياسية بأسلوب ساخر دون أي إساءة للدين. وأكد أن جميع أعماله خضعت مسبقًا للرقابة الرسمية، متسائلًا: "لو كانت هذه الأعمال مسيئة، فلماذا سُمح بعرضها؟".

ويُعد هذا الحكم الأول من نوعه بحق فنان منذ تصاعد نفوذ التيارات الإسلامية في البرلمان المصري بعد انتخابات 2012، حيث حصل حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين) على نحو 47% من المقاعد، بينما فاز حزب النور السلفي بـ 25%. تلقى الفنان، الذي يُعد من أبرز نجوم الكوميديا في الوطن العربي، موجة تضامن واسعة من فنانين وناشطي حقوق الإنسان، الذين اعتبروا الحكم تهديدًا لحرية التعبير والإبداع الفني.

محاولة اغتيال خلف الستار: القذافي يخطط للتخلص من الزعيم

كشف الماكير الشهير محمد عشوب في تصريحات صحفية مثيرة عن خطة كانت تُحاك ضد الزعيم عادل إمام من قبل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي. أكد عشوب أن القذافي قرر التخلص من عادل إمام بعد أن أبلغه مقربون له بأن الزعيم المصري قد قام بتقليده في مسرحية "الزعيم". ورغم أن القذافي لم يشاهد المسرحية بنفسه، إلا أنه أرسل بعض الليبيين للتحقق من الأمر، ليقرر بعدها دعوة إمام لعرض المسرحية في ليبيا.

وأضاف عشوب: "استخدمني القذافي لنقل الدعوة لمدير الفرقة محمد حافظ، الذي وافق على الفور. لكن بعد أيام، تحدث إلي أحد أصدقائي المقربين، والذي كان على صلة قوية بالقيادات الليبية، وحذرني من أن القذافي يخطط للانتقام من عادل إمام باستخدام مأجورين". على الفور، تدخل وزير الإعلام الليبي وقتها، عبدالله منصور، وأصدر قرارًا بإلغاء الحفلات في ليبيا لحماية إمام، ما أدى إلى عواقب وخيمة بالنسبة للقذافي، الذي أمر بحبس عشوب إثر إفشال المخطط.

"السفارة في العمارة": حساسيات سياسية ومبارك يتدخل

لم يمر فيلم "السفارة في العمارة" مرور الكرام على الدوائر السياسية، فقد ترددت شائعات قوية وقتها بأن الرئيس الأسبق حسني مبارك غضب من العمل وطلب وقفه بسبب تناوله قضية التطبيع مع إسرائيل. لكن زكريا عزمي، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية حينها، خرج لينفي هذه الرواية، مؤكدًا أن مبارك لم يتدخل في العمل أو يمنعه. رغم ذلك، بقيت أجواء التوتر حول الفيلم دليلاً على حساسيته السياسية وقدرته على تحريك المياه الراكدة في ملف العلاقات المصرية الإسرائيلية.

"حسن ومرقص": الوحدة الوطنية في قالب كوميدي

يُعد فيلم "حسن ومرقص" واحدًا من أكثر الأعمال إثارة للجدل في مسيرة عادل إمام، ليس فقط بسبب فكرته، بل لطريقة معالجته. بين المصادفات الدرامية غير المنطقية وتدخل "العناية الإلهية" في كل أزمة، بدا الفيلم وكأنه يسير على حافة الشعارات لا الواقع. النقد الأبرز للفيلم كان تجاه بساطة المعالجة، إذ بدت الوحدة الوطنية وكأنها تُحل بمشهد تعانق بين الهلال والصليب، متجاهلة الأسباب العميقة للاحتقان الطائفي مثل الشعور بالظلم وغياب العدالة الاجتماعية. رغم ذلك، حرص إمام على تقديم رسالة قوية عن التعايش، وصرّح خلال تصوير الفيلم أن العمل كان بمثابة "السير على الأشواك"، مشيرًا إلى استشارة البابا شنودة لضمان دقة التفاصيل العقائدية.