عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
عام على رحيل شيرين سيف النصر.. حين يمضي الجمال في صمت
تقرير
المراية
منار تامر
4/14/20251 دقيقة قراءة


تمرّ اليوم الذكرى الأولى لرحيل الفنانة الجميلة شيرين سيف النصر، تلك السيدة التي لم تكن فقط وجهًا فاتنًا على الشاشة، بل كانت مزيجًا نادرًا من الأناقة والهدوء والرقة، والتي اختارت أن تغادرنا كما عاشت في سنواتها الأخيرة، في صمتٍ لا يليق بضجيج حضورها الفني، الذي ما زال صداه حاضرًا في ذاكرة جمهورها العريض.
في 13 أبريل 2024، أُسدل الستار على حياة شيرين بهدوء مؤلم، عن عمر ناهز 56 عامًا، إثر هبوط حاد في الدورة الدموية، لم يكن الخبر صاخبًا، ولم تتسابق الصحف لإعلانه، احترامًا لوصيتها التي فضّلت فيها الصمت على الأضواء، والبساطة على الضجيج، حتى في لحظة الوداع، لكن جمهورها، أولئك الذين عاشوا معها التسعينات وشاهدوا ملامحها وهي تتسلل إلى القلب من أول مشهد، لم يصمت، فقد أعادوا نشر صورها، وتداولوا مقاطع من أعمالها، وتحدثوا عنها كما لو كانت لا تزال حاضرة، تتهادى على الشاشة بصوتها الناعم ونظرتها التي كانت تحمل ما يعجز عنه الحوار.
بداية فرنسية… ونقطة تحوّل مصرية
شيرين لم تدخل الفن من باب الحلم الطفولي، ولا من أروقة المعاهد الفنية، خريجة كلية الحقوق بجامعة عين شمس، كانت زياراتها إلى فرنسا شأنًا عائليًا شخصيًا، قبل أن يلتقطها المخرج يوسف فرنسيس خلال إحدى هذه الزيارات، ويقنعها بأن الموهبة التي يراها في عينيها لا يمكن أن تظل حبيسة جدران الحياة العادية، فكانت البداية.
عام 1990، أطلت شيرين لأول مرة على الشاشة من خلال فيلم "الأستاذ"، قبل أن تبدأ خطواتها الحقيقية مع مسلسل "العرضحالجي" إلى جوار فريد شوقي وكريمة مختار، غير أن الانطلاقة الكبرى جاءت عام 1993، حين شاركت في مسلسل "غاضبون وغاضبات"، لتبدأ ملامح البطلة تتبلور، ويتكوّن اسم شيرين سيف النصر كواحدة من أبرز نجمات جيلها.
"سواق الهانم"... مفتاح الشهرة
لكن ما لا يختلف عليه اثنان، هو أن محطة التحوّل الكبرى كانت مع فيلم "سواق الهانم"، إلى جانب النجم الكبير أحمد زكي، الفيلم لم يكن مجرد نجاح جماهيري، بل ولادة حقيقية لنجمة من نوع خاص، تحمل بين طيّات حضورها ما يجعل الكاميرا تحبّها، والجمهور يراها قريبة، رغم ملامحها الأوروبية وأناقتها الأرستقراطية.
بعدها، توالت النجاحات: "من الذي لا يحب فاطمة؟"، "سوق الهانم"، وواحد من أبرز أفلامها وأكثرها تأثيرًا، "النوم في العسل" مع الزعيم عادل إمام، والذي شكّل بداية سلسلة من التعاون بينهما، امتدت إلى خشبة المسرح عبر مسرحية "بودي جارد"، وصولًا إلى فيلم "أمير الظلام"، الذي اختتمت به مشوارها الفني تقريبًا.
حياة خاصة.. ومآسي صامتة
في موازاة هذه النجومية، عاشت شيرين حياةً عاطفية مليئة بالتحولات، حيث تزوّجت ثلاث مرات، أولها من رجل الأعمال السعودي عبد العزيز الإبراهيم، ثم من المطرب مدحت صالح لفترة قصيرة، وأخيرًا من الطبيب رائف الفقي، لكن قلبها لم يعرف الطمأنينة طويلًا.
بعد فقدان والدتها، دخلت شيرين في حالة من الانعزال، واختارت أن تبتعد عن كل شيء، اعتزلت الفن أول مرة عام 1996 بعد زواجها، لكنها عادت لاحقًا لتكمل الرحلة، ثم انسحبت نهائيًا عام 2011، مبتعدة عن الإعلام والشاشات والأضواء، عاشت آخر سنواتها في الأردن، في عزلة هادئة، تشبه شخصيتها التي لم تحب الصخب، ولم تسعَ يومًا لأن تكون "حديث الساعة".
وداع لم يُعلَن.. لكن الحب لا يُخفى
في يوم رحيلها، أعلن شقيقها شريف الخبر بكلمات قليلة، دون جنازة كبرى أو مراسم وداع صاخبة، كما أوصت، لكنها كانت تعلم، كما يبدو، أن الفن لا يموت، وأن صورتها التي انطبعت في أذهان الملايين ستظل باقية، تتكرّر في مشاهد، وتُستعاد في ليالٍ من الحنين.
شيرين سيف النصر لم تترك أرشيفًا ضخمًا من الأعمال، لكنها تركت أثرًا لا يُمحى، كانت أيقونة للأنوثة الراقية، لا تعتمد على الإغراء الرخيص، بل على الكاريزما والرقي، على الأداء الهادئ والصورة التي تشبه لوحة زيتية مرسومة بعناية.
اليوم، بعد عام من الرحيل، لا نرثي فقط فنانة جميلة، بل نودّع زمنًا بأكمله، كانت فيه الشاشة تعكس أرواحًا لا تُنسى، وشيرين واحدة من أجمل تلك الأرواح.