عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
عاطف الطيب... السينما كانت تنطق بصوته
مقال
المراية
حبيبة خالد
5/25/20251 دقيقة قراءة


منذ أن بدأت أعي معنى السينما، واسم "عاطف الطيب" لا يفارق ذهني، ليس لأنه مجرد مخرج عبقري، بل لأنه كان يشعر ويفكر ويتحدث بلسان الناس العاديين، بلساننا نحن.
لم يكن عاطف الطيب يصنع أفلامه من أجل المشاركة في المهرجانات أو الوقوف على السجادة الحمراء، بل كان يعمل ليقول كلمة، لينقل وجعًا، ويفتح أعيننا على حقائق ربما نتجنب رؤيتها. كانت أفلامه بمثابة مرآة للمجتمع، لكنها لم تكن مرآة عادية، بل مرآة مشروخة تعكس الحقيقة كما هي، بانكساراتها، وألمها، وكل ما يحاول الناس الهروب منه.
لا أنسى أول مرة شاهدت فيها فيلم "سواق الأتوبيس"، شعرت حينها أن العالم بأسره قد صمت ليمنحني فرصة للحوار مع الشاشة، كيف يمكن لمخرج أن ينقل معاناة رجل بسيط وسط بلد يتغير من حوله؟ الطيب نجح في إيصال ذلك بإتقان لا يوصف.
أما "البرئ"، فكانت تجربة أشد قسوة، مشهد أحمد زكي في النهاية، وهو يصرخ ويبكي، لم يكن ذلك مجرد أداء تمثيلي، بل كانت صرخة شعب بأكمله.
ما ميّز عاطف الطيب، إلى جانب موهبته الفذّة، هو موقفه الواضح. لم يكن يخشى السلطة، ولا الانتقادات، ولا سطوة الرقابة، كان يؤمن بأن دوره هو أن يقول الحقيقة كما يراها، ويترك الحكم للجمهور.
رحل عاطف الطيب مبكرًا، في عام 1995، عن عمر ناهز السابعة والأربعين، لكنه ترك خلفه إرثًا من الأفلام التي لا تزال تنطق، وتسأل، وتؤلم. قد لا يكون حاضرًا بيننا، ولكن في كل مرة نشاهد فيها "كشف المستور" أو "الحب فوق هضبة الهرم"، نشعر أن عاطف الطيب قد عاد، ليحكي، ويحاسب، ويقول: "أنا لا زلت هنا."