عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
أضواء تطفئها المخدرات: نجوم في قبضة الإدمان.. الوجه الخفي لحياة المشاهير
تحقيق استقصائي ـ خاص
وجه آخر
ميادة عيسى ـ إحسان أسامة
5/2/2025


تحت الأضواء الساطعة لحياة النجوم، تُخفى أحيانًا ظلال كثيفة من المعاناة والصراعات الشخصية ، فبينما يتابع الجمهور أخبارهم بشغف، ويربط صورتهم بالنجاح والثراء، يواجه بعض المشاهير معارك قاسية خلف الكواليس، قد يكون الإدمان أحد أخطر فصولها.
على مدار السنوات، ارتبطت أسماء عديدة في الوسط الفني بقضايا تعاطي المخدرات، بعضها انتهى بفضائح مدوية، وأخرى انتهت بمأساة، فيما استطاع آخرون أن يتجاوزوا السقوط، ويبدؤوا من جديد.
لا يمكن الجزم بأن حياة الشهرة تقود بالضرورة إلى الإدمان، كما لا يمكن إنكار أثر الضغوط النفسية والعاطفية التي تتركها الأضواء على من يعيشون تحتها، ما بين السقوط والصعود، والغرق والنجاة، تتكشّف حكايات متباينة تثير الكثير من التساؤلات حول علاقة بعض النجوم بالمخدرات، وتأثيرها على مسيرتهم وحياتهم.
الطريق إلى الإدمان
المشاهير يعيشون تحت ضغط دائم للظهور المثالي، سواء من قبل الجمهور أو الإعلام ، ومع التوقعات المرتفعة، يواجه البعض ضغوطًا نفسية قد تؤدي بهم إلى محاولات الهروب من الواقع، ما قد يدفعهم إلى اللجوء إلى المخدرات.
أحمد الفيشاوي
أحد الفنانين الذين عاشوا تجارب صعبة مع الإدمان، حيث مر بفترات من المعاناة بسبب تعاطي المخدرات، في العديد من اللقاءات التلفزيونية، تحدث أحمد الفيشاوي بصراحة عن تأثير الإدمان على حياته، سواء من الناحية الشخصية أو المهنية، في مقابلة له مع الإعلامية سارة دندراوي في برنامج "25 سؤال" على قناة العربية، تحدث الفيشاوي عن تجربته الصعبة مع المخدرات، وكيف حاول التغلب على الإدمان والعودة إلى حياته الطبيعية بعد معركة طويلة مع هذه الآفة.
كما ذكر الفيشاوي في العديد من التصريحات أنه كان يمر بحالات نفسية صعبة بسبب الضغط المستمر من وسائل الإعلام والجمهور، وهو ما ساهم في انزلاقه نحو الإدمان في وقتٍ من الأوقات ، علاوة على ذلك، تحدث في لقاءات أخرى عن الصعوبات التي واجهها في حياته الخاصة.
قد تكون الشهرة مصدرًا من مصادر المعاناة النفسية، خاصةً عندما يواجه المشاهير مشاعر الوحدة والاكتئاب ، بعضهم لا يستطيع التعامل مع هذه المشاعر، فيلجأ إلى المخدرات كحل مؤقت لهذه المعاناة.
شيرين عبد الوهاب
كانت قد مرت بفترة صعبة في حياتها، حيث واجهت العديد من التحديات النفسية والشخصية التي أثرت بشكل كبير على حياتها المهنية والشخصية ، في أكتوبر 2022، انتشرت تقارير تفيد بأن شيرين كانت تتعاطى المخدرات مع طليقها حسام حبيب، ما دفع شقيقها محمد عبد الوهاب إلى التدخل وإدخالها إلى مصحة للعلاج من الإدمان.
كانت هذه الأزمة جزءًا من فترة مليئة بالضغوطات النفسية والإعلامية التي واجهتها، في أحد مقاطع الفيديو التي ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي، تم تصوير شيرين وهي تشير من نافذة غرفتها في المستشفى لطليقها حسام حبيب والمنتجة سارة الطباخ، اللذين كانا ينتظران خارج المستشفى للاطمئنان على حالتها ، هذه المشاهد أظهرت التأثير الكبير لهذه التجربة على حياتها الشخصية، كما أنها كشفت عن الدعم الذي كان يقدمه لها المقربون في تلك الفترة الحرجة.
هيث ليدجر – "الجوكر"
هيث ليدجر، الممثل الأسترالي الذي نال شهرة واسعة بدوره في شخصية "الجوكر" بفيلم The Dark Knight، مرّ بفترة عصيبة في حياته بسبب معاناته مع الإدمان. خلال تصويره للفيلم، تعرض ليدجر لضغوط نفسية وعاطفية كبيرة بسبب الشخصية المعقدة التي كان يؤديها.
تأثرت حياته الشخصية بالمشاعر القوية والضغوط المرتبطة بهذه الأدوار، مما دفعه إلى استخدام المخدرات الموصوفة كوسيلة للهروب من هذا الواقع القاسي ، ورغم نجاحه المهني الباهر، كانت حياته الخاصة مليئة بالصراع الداخلي والتحديات النفسية التي أثرت بشكل واضح على علاقاته وسلوكه.
كان يعاني من قلة النوم والقلق الشديد، ما دفعه إلى تناول الأدوية المسكنة ، وفي يناير 2008، انتهت حياته بشكل مأساوي بسبب جرعة زائدة من هذه المخدرات، مما سلط الضوء على المعاناة الخفية التي يعيشها بعض المشاهير وراء الأضواء.
روبن ويليامز
روبن ويليامز، الكوميدي الأسطوري الذي أسعد الملايين بابتسامته المشرقة وأدواره المميزة، خاصة في فيلم Good Will Hunting، خاض صراعًا طويلًا مع الإدمان على المخدرات والكحول.
بدأ استخدام المخدرات في السبعينيات، وكان يعاني من اكتئاب شديد يتفاقم مع مرور الوقت ، ورغم أنه تعافى في مراحل عدة من حياته، إلا أن الإدمان استمر في العودة ليؤثر على حياته المهنية والشخصية.
في مقابلاته، اعترف ويليامز بأن المخدرات كانت وسيلته للهروب من مشاعر العزلة والضغط النفسي، ورغم محاولات العلاج والتعافي، عانى من اكتئاب مزمن، وكان الإدمان جزءًا من هذه المعركة النفسية التي قادته في النهاية إلى اتخاذ قرار مأساوي بالانتحار في 2014.
القصة المأساوية لروبن ويليامز تُظهر كيف يمكن للإدمان أن يكون أحد أوجه المعاناة العميقة التي يواجهها النجوم خلف الكواليس.
التعتيم الانتقائي
التعامل الإعلامي مع قضايا المخدرات لا يخضع لقاعدة واحدة؛ فعندما تردّد، في مارس 2022، نبأ توقيف خالد الذهبي – نجل المطربة أصالة – بشبهة حيازة مواد ممنوعة، اختفت الصيغ الاتهامية من كبريات المنصات خلال أقل من أربع وعشرين ساعة، ولم يَبقَ سوى أثر الحادثة في نسخ أرشيفية متداولة خارج المواقع الأصلية.
بالمقابل، تعاملت الصحافة مع ضبط الممثل هيثم محمد (ديسمبر 2024) والمطرب سعد الصغير (سبتمبر 2024) بمنطق النشر المفتوح: التفاصيل الكاملة، وسوابق المتهم، وفيديوهات التحقيق ظلّت متاحة من دون حذف أو تنقيح.
هذا التفاوت يضعنا أمام "تعتيم انتقائي" تتحكم فيه اعتبارات العلاقات العامة أو النفوذ التجاري أكثر مما تحكمه المصلحة العامة.
السقوط المدوي
السقوط المدوي ليس مجرد عنوان، بل هو لحظة فارقة في حياة عدد من الممثلين الذين كانت أسماؤهم تلمع في سماء الفن، ليجدوا أنفسهم فجأة في الظلال.
من سعيد صالح، الذي كان رمزًا للضحكة والروح الطيبة، إلى أحمد عزمي، الذي لم تكن تصرفاته تنبئ بما يخبئه له المستقبل، وصولًا إلى دينا الشربيني، التي كانت تسيطر على الأضواء قبل أن تختطفها المخدرات.
هؤلاء النجوم الذين جعلوا قلوب جمهورهم تخفق بالحب والشغف، اختاروا الطريق الذي قادهم إلى السجون، ليكتشفوا بألم أن الإدمان ليس مجرد تدمير للمستقبل، بل هو قتل للأحلام.
أحمد عزمي
الفنان أحمد عزمي بدأ طريقه مع المخدرات من خلال الإدمان على الكحول، بعد أزمة نفسية حادة تعرض لها إثر مقتل شقيقه حمدي، الذي لقي مصرعه بـ13 طعنة أثناء مشاجرة.
توجه عزمي إلى شرم الشيخ، وابتعد عن الوسط الفني، وبدأ يُدمن الكحول والترامادول.
في عام 2014، تم القبض عليه في كمين أمني بشرم الشيخ وبحوزته أقراص ترامادول، وكان في حالة غير طبيعية، قضت محكمة جنايات شرم الشيخ بسجنه 6 أشهر مع الشغل، في قضية تعاطي ترامادول.
داليا فؤاد: قضية قانونية تثير الجدل
في نوفمبر 2024، تم القبض على المذيعة داليا فؤاد بتهمة حيازة مواد مخدرة تُستخدم في حالات الاغتصاب، حيث عُثر على مادة GHP المخدرة أثناء تفتيش منزلها.
أنكرت داليا التهم، وأكدت أن المواد ليست ملكها وأنها استأجرت الشقة قبل ستة أشهر فقط.
نقابة الإعلاميين أصدرت بيانًا أكدت فيه أن داليا فؤاد غير مسجلة في جداولها، ولا تحمل تصريحًا بمزاولة المهنة، مشيرة إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضدها وضد القناة التي تعرض برنامجها.
سعيد صالح: من الكوميديا إلى السجن
في عام 1991، تم القبض على الفنان الكبير سعيد صالح بتهمة تعاطي المخدرات، لكن تم الإفراج عنه لعدم كفاية الأدلة ، وفي عام 1996، ألقي القبض عليه مجددًا في القضية نفسها، وصدر حكم بحبسه عامًا، أُفرج عنه بعد قضاء ثلثي المدة.
دينا الشربيني
قضت الفنانة دينا الشربيني عامًا في السجن عام 2013، بعد ضبطها أثناء شرائها الكوكايين من أحد المنازل في الزمالك.
اعترفت دينا بأنها كانت تتردد على هذا المكان بانتظام لشراء المخدرات.
بعد خروجها، حاولت استعادة نشاطها الفني، لكن نقابة المهن التمثيلية رفضت منحها تصريح مزاولة المهنة، استنادًا إلى المادة السادسة من قانون النقابات، التي تمنع من صدر بحقه حكم جنائي أو مخِل بالشرف من مزاولة المهنة
وأكدت النقابة عبر تصريحات عديدة من رئيسها الفنان أشرف عبد الغفور ووكيل النقابة الفنان سامح الصريطي أن منع دينا من مزاولة المهنة يأتي بموجب المادة السادسة من قانون النقابات الفنية، والتي تقضي بمنع أي شخص من مزاولة المهنة طالما حُكم عليه في قضية جنائية أو مخلة بالشرف والأمانة، إلا في حالة صدور حكم قضائي برد اعتباره.
وقد أثار هذا القرار وقتها حالة من الجدل، وأحدث أزمة داخل الوسط الفني، ورأى البعض أن تصرف النقابة فيه تعنت، خاصة وأن هناك نماذج فنية حوكموا بنفس تهمة دينا من قبل ومع ذلك عادوا لممارسة المهنة ولم تمنعهم النقابة، ومن أشهرهم الفنان سعيد صالح.
مما دفع الفنانة دينا الشربيني لإقامة دعوى قضائية للحصول على تصريح مؤقت لتتمكن من المشاركة في الأعمال التي تعاقدت عليها ، وجاءت الدعوى القضائية التي أقامتها الفنانة دينا الشربيني أمام مجلس الدولة ضد نقابة المهن التمثيلية بتأثير إيجابي على النقابة، خاصة بعد تغير مجلس النقابة في الانتخابات الماضية وفوز الفنان الدكتور أشرف زكي بمنصب النقيب.
فقد قررت النقابة منح الفنانة دينا الشربيني تصريحًا بالتمثيل من جديد وإلغاء القرار الصادر بحقها بالمنع من التمثيل إثر قضية المخدرات التي سجنت بسببها، ومن هنا انتهت الأزمة التي كان من الممكن أن تودي بحياة دينا الشربيني، ولكن قرار النقابة كتب لها مسيرة جديدة من النجاح بعيدًا عن حياة المخدرات والإدمان.
السقوط والتعافي
المستشار "السيد الدجوي"، محامٍ متخصص في قضايا الجنايات، علّق على تأثير القضايا المتعلقة بتعاطي المواد المخدرة على حياة المشاهير، قائلاً: "طالما تم ضبط الشخص وحرر محضر بالواقعة، فالجميع أمام القانون سواء، ويتم التحقيق معه ومحاكمته، مهما كانت شهرته أو مكانته ، وعندنا أمثلة واضحة على ذلك، سواء في الماضي مثل ماجدة الخطيب وسعيد صالح، أو في الحاضر مثل منة شلبي."
وأوضح الدجوي أن: "القانون لا يُعاقب من يلجأ للعلاج من الإدمان، بل لا يُعتبر ذلك اعترافًا بالتعاطي من الأساس، وهذا يكون تسهيلًا وتشجيعًا للراغبين في الإقلاع عن الإدمان."
وعن التأثير الاجتماعي لمثل هذه القضايا، قال: "الناس بتتعامل مع المتورطين في قضايا التعاطي بنظرة احتقار وازدراء، حتى من المتعاطين أنفسهم، هذا النوع من القضايا يؤثر بشكل كبير على صورة الشخص، ويقلل من أسهمه في مجاله، ويجعله يفقد جزءًا كبيرًا من شهرته، وفي حالات كثيرة يستحيل أن يعود لمكانته الأولى."
من المدهش أن يكون طريق السقوط من القمة بهذه السرعة، حيث لا يمنح الجمهور للمشاهير فرصة حقيقية للتعافي الاجتماعي، حتى لو سلكوا طريق العلاج. كأن الخطأ في حياة النجم يظل مطبوعًا على جبينه مهما حاول تجاوزه.
يقول د. علي عبد الراضي، استشاري العلاج والتأهيل النفسي وعضو الجمعية الأمريكية لعلوم النفس، إن الضغوط النفسية مثل القلق والإحباط والاكتئاب، إلى جانب تقلبات المشاعر والمزاج، تعتبر من أبرز الأسباب التي تدفع الإنسان، سواء كان مشهورًا أو لا، إلى اللجوء للمخدرات كوسيلة هروب، ويوضح أن العامل الأساسي في ذلك هو "سوء إدارة المشاعر"، فغياب الوعي بكيفية التعامل مع مشاعر الخوف أو الغضب يجعلها تبدو أكبر من قدرة الشخص على التحمل، فيبدأ بالبحث عن مخرج وهمي عبر المواد المخدرة.
يشير عبد الراضي إلى أن عددًا كبيرًا من المشاهير يعانون من ضعف في فهم مشاعرهم، رغم قدرتهم كممثلين على التعبير عنها أمام الكاميرات ، ويرجع ذلك إلى تأثير تعدد الأدوار والشخصيات التي يجسدونها على الشاشة، والتي قد تترك أثرًا سلبيًا على شخصياتهم الحقيقية ، هذا التداخل قد يدفع البعض منهم إلى فقدان التوازن الداخلي، مما يزيد من احتمالية وقوعهم في فخ الإدمان، خاصة في غياب الدعم النفسي المتخصص.
حول مسار التعافي، يؤكد عبد الراضي أن العلاج لا يقتصر على الجانب الطبي فقط، بل يعتمد أيضًا على العلاج النفسي والاجتماعي، لصياغة خطة علاجية شاملة تساعد الشخص على فهم ذاته، وأسباب لجوئه للمخدرات، والعوامل التي تدفعه للانتكاسة ، ويوضح أن الكثير من المشاهير يلجؤون إلى مراكز علاجية متخصصة تضمن السرية، ويبدأون رحلتهم بفهم الفرق بين مكاسب وخسائر الإدمان، وأهمية الالتزام الكامل بخطوات التعافي.
كما يشدد عبد الراضي على أن تعافي المشاهير لا يمكن أن يكتمل دون دعم أسرهم ، فالدعم الأسري غير المشروط، وفهم طبيعة مرض الإدمان، ضروريان للغاية، خاصة أن بعض المشاهير يمتلكون مهارات تمثيلية تُستخدم كمراوغة دفاعية للهروب من العلاج ، ولذلك، فإن الأسرة تحتاج إلى توعية كاملة بكيفية التعامل مع المتعافي، ومساعدته على إدارة مشاعره، والتعامل مع حالات القلق والإحباط، للحفاظ على جودة التعافي واستمراره.
إن معركة المشاهير مع الإدمان ليست مجرد قصة عن سقوط أو فشل، بل هي قصة إنسانية تحمل في طياتها آلامًا وأحلامًا قد تكون مخفية عن أعين الجميع ، الحياة تحت الأضواء قد تكون مغرية، لكنها تحمل تحديات أكبر من أن يدركها من يعيشون بعيدًا عن عالم الشهرة.
لكننا يجب أن نعي أنه مهما كانت الصورة التي يظهرها الإعلام عنهم، يبقى المشاهير بشرًا يعانون ويكافحون في صمت ، ومن خلال تسليط الضوء على هذه القضايا بشكل إنساني ومسؤول، يمكن أن نساعد في تغيير النظرة السطحية ونقدم لهم الدعم الذي يحتاجونه للنجاة.
مصادر :ـ
https://www.elwatannews.com/news/details/5058968
https://www.almasryalyoum.com/news/details/500989