عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
اغتيال باقري وسلامي وعباسي.. هل فقدت إيران عصبها العسكري والعلمي؟
تقرير
خط النار
منى حامد
6/13/20251 دقيقة قراءة


في فجرٍ لم تشهد له إيران مثيلًا منذ الحرب العراقية الإيرانية، استيقظت العاصمة طهران على دوي انفجارات عنيفة أعادت للذاكرة مشاهد الرعب والدمار. هجومٌ مباغت شنّته إسرائيل، تحت اسم "قوة الأسد"، لم يستهدف فقط مواقع عسكرية ومنشآت نووية، بل طال نخبة من قيادات الصف الأول في النظام الإيراني، علماء ومسؤولين كانوا يُعدّون من الأعمدة الأساسية لبنية الدولة العقائدية والعسكرية.
قائمة الموت: أسماء بحجم الدولة
بصوتٍ يملأه الحزن والانكسار، أكد التلفزيون الإيراني الرسمي مقتل شخصيات محورية في النظام. وفي مقدّمتهم اللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، أحد أكثر القادة نفوذًا، والمهندس الاستراتيجي لأمن إيران الخارجي. إلى جانبه، اغتيل كل من اللواء حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري، واللواء غلام علي رشيد، قائد مقر "خاتم الأنبياء"، وهي القيادة المركزية العليا للقوات المسلحة. لكنّ ما جعل الهجوم أكثر فتكًا، هو تصفية ستة من كبار العلماء النوويين، بينهم فريدون عباسي دواني، الرئيس الأسبق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية والذي سبق ونجا من محاولة اغتيال عام 2010، ومحمد مهدي طهرانجي، رئيس جامعة "آزاد" الإسلامية، والذي عُرف بإسهاماته في البحوث المتقدمة في الفيزياء والدفاع.
ضحايا من العيار الثقيل: من باقري إلى عباسي
اللواء محمد باقري، رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة، وأرفع قائد عسكري في إيران. باقري، الذي غيّر اسمه من "أفشردي" تكريما لشقيقه القائد الراحل، شغل مناصب استخباراتية وقيادية منذ الحرب العراقية الإيرانية وحتى يوم اغتياله. وكان يحمل أوسمة عالية من المرشد الأعلى، ويُعد مهندس استراتيجيات الدفاع الإيراني في العقدين الأخيرين.
اللواء حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري، والذي كان يشغل هذا المنصب منذ 2019. من مواليد أصفهان، ويُعرف بمسيرته العسكرية الواسعة في الحرب العراقية الإيرانية. في آخر تصريح له، هدد إسرائيل برد "أشد تدميرًا"، ليتحول بعدها إلى واحد من ضحايا الغارات.
اللواء غلام علي رشيد، قائد مقر خاتم الأنبياء، قُتل مع نجله في الهجوم. يُعد من الأسماء المؤسسة للحرس الثوري بعد الثورة، وصاحب تاريخ طويل في مواقع القرار العسكري. سبق أن وصفته وزارة الخزانة الأمريكية بـ"أحد أخطر رجال خامنئي".
فريدون عباسي دواني، الرئيس الأسبق لمنظمة الطاقة الذرية. عالم نووي بارز نجا سابقا من محاولة اغتيال عام 2010، واغتيل اليوم بعد مسيرة حافلة شملت عضويته في البرلمان وتدريسه في الجامعات الإيرانية.
محمد مهدي طهرانجي، رئيس جامعة "آزاد" الإسلامية، وأستاذ الفيزياء المعروف. كان ضمن الفريق النووي الإيراني المؤثر، وتقلد مناصب أكاديمية عليا في جامعتي "الشهيد بهشتي" و"بيام نور".
إلى جانب هؤلاء، أفادت وكالة تسنيم الإخبارية بمقتل علماء نوويين آخرين، وهم: عبد الحميد مينوشهر، أحمد رضا ذو الفقاري، أمير حسين فقهي، ومطلبي زاده.
لماذا هذه الأسماء؟
لم يكن اختيار الأهداف عشوائيًا. فهؤلاء ليسوا مجرد مسؤولين إداريين، بل هم "عقل إيران النووي"، كما وصفهم الإعلام الإسرائيلي. ومن خلال اغتيالهم، تسعى إسرائيل إلى تقويض العمود الفقري للبرنامج النووي الإيراني، وإرسال رسالة مباشرة: "لسنا بحاجة لحرب طويلة، فقط ضربة جراحية قاتلة".
طهران ترتجف... والراية الحمراء تعود من جديد
في مشهد رمزي مهيب، رُفعت الراية الحمراء على قبة مسجد "جمكران" بمدينة قم، في أول ساعات صباح الجمعة، إعلانًا صريحًا بالثأر. الراية، الممهورة بعبارة "يا لثارات الحسين"، ليست فقط دلالة دينية، بل إعلان تعبئة عامة في الثقافة الإيرانية. ورفعها يعني شيئًا واحدًا: الثأر قادم.
وكانت هذه الراية قد رُفعت من قبل في 4 يناير 2020، عقب اغتيال قاسم سليماني، ثم في يوليو 2024 بعد مقتل إسماعيل هنية. واليوم، تعود لترفرف مجددًا فوق المكان ذاته، ما يؤكد أن الهجوم الأخير يُعد في نظر النظام الإيراني "كارثة وطنية بحجم استثنائي".
حالة غليان... والمرشد يتوعّد
في خطابٍ ناري، توعّد المرشد الأعلى علي خامنئي إسرائيل بـ"مصير مرير ومؤلم"، مشددًا على أن "يد القوات المسلحة الإيرانية لن ترتعش". وقال:
"ارتقى قادة وعلماء شهداء في هجمات العدو، لكنّ خلفاءهم سيكملون الطريق دون تردد".
وأضاف خامنئي: "على الكيان الصهيوني أن ينتظر عقابًا صعبًا... لن تُترك هذه الجريمة بلا رد". وفي تلميح لما هو قادم، تحدّثت مصادر قريبة من الحرس الثوري عن "رد مركّب وغير تقليدي".
الشارع الإيراني بين الصدمة والغضب
تداول الإيرانيون على منصات التواصل الاجتماعي لقطات مصورة للانفجارات وصافرات الإنذار. الغضب الشعبي كان واضحًا، وتحت هاشتاغ ##الثأر_قادِم، انتشرت دعوات واسعة للرد، فيما بدأت مسيرات شعبية في طهران ومدن أخرى تطالب بـ"رد بحجم الكارثة".
وفي ذات السياق، أُعلن عن إصابة علي شمخاني، مستشار المرشد الإيراني، بجروح بالغة إثر استهداف منزله، وهو ما رفع منسوب التوتر بشأن وجود "خلايا إسرائيلية دقيقة" تعمل داخل البلاد.
واشنطن على علم مسبق؟
كشف مسؤول عسكري إسرائيلي لصحيفة إسرائيل تايمز أن العملية نُفذت بعد "تشاور مسبق مع الولايات المتحدة"، دون الإشارة إلى تنسيق مباشر. ورغم صمت واشنطن الرسمي حتى اللحظة، إلا أن مراقبين رأوا في هذا التصريح تلميحًا لضوء أخضر أمريكي "غير معلن".
خاتمة: هل يبدأ الآن فصل جديد من المواجهة؟
اغتيال باقري وسلامي وعباسي لم يكن مجرد هجوم، بل زلزال سياسي وأمني في بنية الدولة الإيرانية. رفرفة الراية الحمراء فوق مسجد جمكران تفتح الباب لموجة انتقام قد تمتد خارج الحدود الإيرانية، وربما تُشعل صراعًا أكبر في المنطقة.
في النهاية، تبقى المنطقة في انتظار "الطلقة القادمة"... هل تكون صاروخًا من طهران، أم مفاوضة خلف الأبواب؟