عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.

أحمد سعد... حين تتبدّل الملامح بين خشوع الغار وصخب الحفلات

تقرير

شمس ابوغنيمة

5/30/20251 دقيقة قراءة

في لحظةٍ بدت خارج السياق المعتاد، ظهر الفنان أحمد سعد مرتديًا جلبابًا أبيض بسيطًا، جالسًا في صمت داخل غار حراء، ممسكًا بسبحة، وساجدًا بخشوع. لم تكن هذه صورة دعائية، ولا لقطة عابرة؛ بل كانت إعلانًا صامتًا عن تحوّلٍ داخليّ بدا أكثر عمقًا مما يُرى على السطح.

رافق ذلك قرار شخصيّ صادمٌ للبعض، شجاعٌ في نظر آخرين: بدء رحلة إزالة الوشوم التي غطّت جسده لسنوات. قرارٌ اختار أن يعلنه بصراحة، وبأسلوبه المعتاد: مباشر، تلقائي، وغير خاضع لحسابات الصورة النمطية.

ما بين الروح والضوء... فنان يعيش أكثر من حياة

أحمد سعد ليس فنانًا يمكن اختزاله في لونٍ غنائيّ واحد، أو حتى في صورةٍ إعلاميةٍ ثابتة. هو حالةٌ فنيةٌ وإنسانيةٌ تتبدّل ملامحها بين الحين والآخر، لكنها لا تفقد بريقها. بين التصوّف والصوت العالي، بين التوبة والتجربة، بين الانعزال أحيانًا والانتشار الكاسح في أحيانٍ أخرى.

تحرّكاته الشخصية دائمًا ما تُقابل بردود فعلٍ قوية. قراراته لا تمرّ مرور الكرام، وحتى لحظاته الخاصة، حين يشاركها، تتحوّل إلى مادةٍ للنقاش والتحليل والتأويل. وهذا ليس فقط لأنه نجم، بل لأنه يفرض حضوره في كلّ اتجاه.

فنيًا... مشوار بلا استراحة

في السنوات الأخيرة، بدا أحمد سعد وكأنه في سباقٍ مع نفسه. لم يتوقّف عن تقديم الأغاني، لم يُعد حساباته أو يتمهّل. أصدر العشرات من الأعمال، بلهجات مختلفة وألوانٍ موسيقيةٍ متعدّدة. بعض الأغنيات جاءت عاطفية، وبعضها شعبي، والبعض الآخر أخذ منحًى جديدًا نحو موسيقى المهرجانات والراب.

الغريب أنّ هذا التنوّع لم يُضعف حضوره، بل جعله أكثر انتشارًا. نجح في اقتحام آذان شرائح مختلفة من الجمهور، من جيل المنصّات الرقمية، وصولًا إلى جمهور الدراما التلفزيونية.

حين تتحوّل التترات إلى علامات

أصبح صوته مألوفًا في شارات المسلسلات، بل تحوّلت بعض التترات التي غنّاها إلى عنصر الجذب الأوّل في العمل. كثير من المتابعين أصبحوا يربطون بين صوته وبين الحكايات الشعبية، والمآسي الاجتماعية، ودراما الشوارع. هو لا يغنّي الكلمات فحسب، بل يحمّلها مشاعر كثيفة تتسلّل إلى قلب المتلقّي دون استئذان.

لا يخشى التجربة... ولا يخجل من التغيير

سواء حين يظهر بإطلالة خارجة عن المألوف، أو حين يعلن عن تحوّل داخلي، أو حتى حين يتراجع عن اختياراتٍ سابقة، يبقى أحمد سعد مثالًا على الفنان الذي لا يعيش في منطقة آمنة. يتغيّر، يغامر، يخطئ أحيانًا، ويصيب أحيانًا، لكنه لا يكرّر نفسه.

من الواضح أن لزوجته، مصمّمة الأزياء، دورًا كبيرًا في بلورة صورته الجديدة واهتمامه بأدقّ تفاصيل مظهره الخارجي. لم تكن مجرّد شريكة حياة، بل ساعدت على تقديم نسخةٍ جديدةٍ منه، أكثر اتّساقًا مع العصر.

صانع الترندات... دون أن يقصد

لم يكن يومًا من أولئك الذين يخطّطون لكلّ حركةٍ على مواقع التواصل، لكنه – بغرابةٍ محسوبة – يتحوّل دومًا إلى ترند. سواء برقصة، أو جملة طريفة، أو حتى بموقفٍ إنساني. جمهوره اعتاد منه على عفويّةٍ تتجاوز حدود الأداء المسرحي، لتصبح مرآةً تعكس شخصيّته الحقيقية.

فنان خارج القوالب

لا يمكن تصنيف أحمد سعد بسهولة ضمن قالبٍ واحد من قوالب الفنّ الشائع. حضوره الفني المتنوّع، وقدرته على الانتقال بين ألوان موسيقية مختلفة، وتقديمه لشخصيّاتٍ غنائيةٍ متعدّدة، جعله حالةً فنيّةً تفرض نفسها في المشهد.

اختياراته الأخيرة، سواء في مظهره أو نوعيّة أغانيه أو حتى مشاركاته الدينية والروحية، كشفت عن تحوّلاتٍ على المستوى الشخصي والفني. وقد انعكست هذه التحوّلات في تفاعل الجمهور، وفي تصدّره لمنصّات التواصل، سواء من خلال الأعمال الفنية أو المواقف الإنسانية.

وبينما يواصل أحمد سعد مسيرته، يبقى اسمه حاضرًا في مساحاتٍ متعدّدةٍ من الوسط الفني، يثير الجدل أحيانًا، ويجذب الانتباه غالبًا، ويؤكّد من خلال كلّ ظهورٍ جديد أن مسيرته لا تسير وفق خطٍ مستقيم، بل تمرّ بمنعطفاتٍ كثيرة، صنعت منه تجربةً فنيةً غير تقليدية، تستحقّ المتابعة.