عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.

الابتكار كاستثمار.. كيف زرع بورش بذور بورش وفولكس فاجن في سوق القرن العشرين؟

تقرير

الفلوس

أحمد والي

5/26/2025

أحدث المهندس النمساوي-الألماني فرديناند بورش نقلة نوعية في عالم صناعة السيارات خلال النصف الأول من القرن العشرين، بعدما استطاع المزج بين الرؤية الميكانيكية المتقدمة والابتكار في التصميم، ليكون وراء إطلاق علامات لا تزال حتى اليوم في طليعة السيارات الفاخرة والرياضية.

وُلد بورش في 3 سبتمبر 1875 في بلدة "ماتيرسدورف" التابعة لإقليم بوهيميا في الإمبراطورية النمساوية-المجرية (جمهورية التشيك حاليًا)، لأسرة متواضعة، ومنذ صغره، أبدى شغفًا كبيرًا بالكهرباء والميكانيكا، وتمكن في سن مبكرة من تركيب نظام إنارة كهربائي في منزل أسرته، في وقت كانت فيه الكهرباء لا تزال ترفًا نادرًا.

بدأ بورش حياته المهنية كعامل في شركة كهرباء محلية، قبل أن ينتقل إلى فيينا ويعمل في شركة Jacob Lohner & Co، والتي وفرت له بيئة خصبة لتجربة أفكاره. وهناك، صمّم أول سيارة كهربائية له عام 1898، عُرفت لاحقًا باسم "P1"، وكانت من أوائل النماذج التي تعمل بمحركات كهربائية مثبتة داخل العجلات؛ تصميم يُعد متقدمًا حتى بمعايير القرن الحادي والعشرين.

وفي عام 1906، انضم إلى شركة أوسترو-دايملر كمدير فني، وسرعان ما أثبت براعته من خلال تصميم سيارات سباق متقدمة، من أبرزها سيارة "برينس هنري" التي فازت بعدة سباقات أوروبية، ثم انتقل عام 1923 إلى شتوتغارت ليشغل منصب المدير الفني في شركة دايملر-موتورن-جيزيلشافت، حيث لعب دورًا مهمًا في تطوير طرازات مرسيدس S وSS وSSK، التي رسّخت مكانة الشركة في عالم السرعة والأداء العالي.

وبحلول عام 1931، أسس بورش شركته الخاصة تحت اسم Dr. Ing. h.c. F. Porsche GmbH، كمكتب هندسي مستقل يقدّم استشارات وتصميمات تقنية لشركات السيارات الأوروبية، ورغم أنها لم تكن تنتج سيارات خاصة بها في البداية، إلا أن سمعة الشركة نمت سريعًا بفضل دقة وجودة حلولها الهندسية.

ويُعد عام 1934 محطة مفصلية في مسيرة فرديناند بورش، إذ كلّفته الحكومة الألمانية آنذاك، في ظل حكم النظام النازي، بتطوير سيارة شعبية منخفضة التكلفة تلائم شرائح واسعة من المواطنين.

وجاءت الاستجابة من خلال تصميم سيارة "فولكس فاجن بيتل"، التي لم تلبِ فقط طموحات الحكومة، بل تحولت لاحقًا إلى واحدة من أنجح السيارات في تاريخ الصناعة، بإجمالي مبيعات تجاوز 21 مليون وحدة، واستمر إنتاجها لأكثر من سبعة عقود، لتصبح رمزًا عالميًا للسيارات الاقتصادية والعملية.

لم تخلُ مسيرته من الجدل؛ إذ شاركت شركته خلال الحرب العالمية الثانية في تطوير معدات وآليات عسكرية، من بينها تصميم أولي لدبابة "تايجر"، لم يتم اعتماده بالكامل، لكنه استُخدم لاحقًا كأساس لتطوير دبابة "إلفانت"، وبعد انتهاء الحرب، اعتقلته السلطات الفرنسية لمدة قاربت العامين دون محاكمة، على خلفية علاقته بالنظام النازي، قبل أن يُفرج عنه لاحقًا.

وخلال فترة اعتقاله، تولى ابنه فيري بورش إدارة الشركة، ونجح عام 1948 في إطلاق أول سيارة رياضية تحمل اسم العائلة، هي Porsche 356، والتي شكّلت النواة الحقيقية لصناعة سيارات بورش كما نعرفها اليوم.

توفي فرديناند بورش في 30 يناير 1951 في مدينة شتوتغارت، بعد أن ترك إرثًا هندسيًا بالغ التأثير، وجعل من اسمه رمزًا للابتكار والدقة الألمانية في التصميم.

وفي عام 1999، اختير ضمن قائمة أعظم مهندسي السيارات في القرن العشرين، ليظل تأثيره حاضرًا في كل طراز رياضي يحمل شارة بورش الشهيرة، ورغم مرور أكثر من 70 عامًا على وفاته، لا تزال شركة بورش وفية لروح الابتكار التي غرسها مؤسسها، حيث عادت لتتألق في عالم السيارات الكهربائية من خلال طراز "تايكان"، وكأنها تستأنف الرحلة التي بدأها مؤسسها بسيارة كهربائية قبل أكثر من قرن.

صورة لأول سيارة كهربائية صمّمها فرديناند بورش عام 1898، والمعروفة باسم P1 أو Egger-Lohner C.2 Phaeton

رسم بياني يُظهر مقارنة بين أكثر السيارات مبيعًا في التاريخ، مع إبراز مكانة فولكس فاجن بيتل ضمن قائمة الطرازات الأكثر شعبية عالميًا، حيث باعت نحو 21.5 مليون وحدة، مما جعلها إحدى أنجح السيارات في التاريخ رغم توقف إنتاجها

صورة تُظهر التصميم الأولي لدبابة "تايجر" (Tiger I) التي صمّمها فرديناند بورش في أوائل الأربعينيات