عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.

اللحن الذي أشعل الثورة.. حكاية سيد درويش

تقرير

المراية

نورهان عادل

4/14/20251 دقيقة قراءة

سيد درويش لم يكن مجرد ملحن، بل كان صوت عصر وموسيقار ثورة، رجلًا غيّر ملامح الغناء العربي إلى الأبد.
لم يغنِ للحب فقط، بل جعل من الموسيقى لسان حال الناس؛ غنّى للعمال والفلاحين، للجنود والثوار، وارتبط اسمه بالوجدان الشعبي، حين مزج الفن بالسياسة، فتحوّل من فنان إلى ضمير أمة.
وُلد سيد درويش في 17 مارس 1892 بحي كوم الدكة في الإسكندرية، لأسرة بسيطة، بدأ قارئًا للقرآن ومنشدًا في حلقات الذكر، قبل أن يلمع صوته وتظهر موهبته في التلحين.
بدأ مسيرته مع فرق فنية متواضعة، لكن موهبته الاستثنائية سرعان ما لفتت الأنظار، فانتقل إلى القاهرة، وهناك بدأت رحلته الحقيقية مع التغيير.

ثورة على شكل لحن


جاء سيد درويش في زمن كانت فيه الموسيقى العربية تعيش على تكرار الأشكال القديمة، لكنه قلب المعادلة؛ إذ أدخل الآلات الغربية، واختصر الألحان الطويلة، وجعل الغناء أكثر قربًا من الناس.
ابتكر لونًا جديدًا من الطرب، لا يخص الطبقة الراقية فقط، بل يُعبّر عن الشارع، والعمال، والمقهى، والزنقة، والحيّ الشعبي.

وفي زمن الاحتلال البريطاني، لم يبقَ درويش على الحياد، لحّن أغانٍ أصبحت شعارات للثوار، مثل "قوم يا مصري"، و"بلادي بلادي"، التي أصبحت لاحقًا النشيد الوطني لمصر.
لم يكن الغناء عنده للترفيه فقط، بل وسيلة للتحريض، والسخرية من الاستعمار، وكشف الظلم الاجتماعي.

حياة قصيرة... وأثر طويل


رغم أنه توفي شابًا، في 10 سبتمبر 1923 عن عمر 31 عامًا فقط، فإن إنتاجه الفني تجاوز عمره القصير؛ إذ لحّن ما يقرب من 300 عمل موسيقي، بين أوبريتات، وأغانٍ وطنية، ودينية، واجتماعية، وعاطفية.
وكان أول من لحّن لشخصيات حقيقية من الشارع، مثل "الحشاش"، و"العامل"، و"الشيال"، و"العالِمة"، كاسرًا كل القيود الطبقية التي كانت تحكم الغناء.

إرثه الذي لا يموت


سيد درويش هو الأب الروحي للموسيقى المصرية الحديثة، ومَن مهّد الطريق أمام فنانين مثل محمد عبد الوهاب، وزكريا أحمد، وصلاح جاهين، ولا يزال صوته وألحانه تُستعاد في كل زمن تشهق فيه مصر من أجل الحرية.

لقد علّمنا سيد درويش أن الأغنية يمكن أن تكون رصاصة، وأن الموسيقى يمكن أن تكتب التاريخ من قلب الشارع.