عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
أنغام.. حين تمثّل العاطفة المصرية وجه مصر في العالم
تقرير
المراية
أحمد والي
5/19/20251 دقيقة قراءة


في خريطة الفن العربي، تقف أنغام كأيقونة متفردة، ليست فقط كمطربة تمتلك خامة صوتية فريدة، بل كسفيرة ثقافية غير رسمية تعكس الروح المصرية العميقة التي تمزج بين الشجن والرقي، بين الحنين والتجديد.
منذ انطلاقتها، لم تكن أنغام مجرد مطربة، بل حالة وجدانية تمثل جزءًا أصيلًا من الوجدان المصري الحديث، ورسولة فنية للعالم العربي وأوروبا، بصوت يحمل توقيع مصر.
نشأت أنغام في بيت يعج بالموسيقى، إذ كان والدها الموسيقار محمد علي سليمان من أوائل من صقلوا موهبتها ووجّهوها للطرب الشرقي الأصيل.
بدأت مشوارها في سن مبكرة، وسط مشهد غنائي كان يئن بين الكلاسيكية والتجريب، لكنها استطاعت أن تصنع لنفسها خطًا خاصًا، يجمع بين الكلمة الراقية واللحن العاطفي، وبين الأداء الصادق والمظهر الهادئ.
أنغام لم تُقدِّم أغنية فقط، بل كانت صوتًا يعبّر عن المرأة المصرية، بتناقضاتها، قوتها، مشاعرها المكبوتة، وانتصاراتها الخفية. أغاني مثل: "سيدي وصالك"، "بتحبني ولا بتحبش"، "بين البينين"، "عرفها بيا"؛ كلها جسدت مشاعر تلامس أعماق المصريين في علاقاتهم، أحلامهم، وألمهم.
أنغام... مرآة للثقافة المصرية العاطفية
الثقافة المصرية تتميز بعاطفة جياشة، تترجمها الأغنية إلى لحن وكلمات؛ أنغام مثلت هذا الجانب ببراعة، إذ لم تنجر وراء الصخب أو “التريند”، بل اختارت أن تكون جزءًا من “الهوية الفنية” لمصر، كما فعلت أم كلثوم ونجاة ووردة في السابق.
أغانيها تميزت بالصدق، وهو ما جعل جمهورها لا يُقاس بعدد المشاهدات فقط، بل بالتأثير طويل الأمد، حيث بات صوتها جزءًا من الذكريات الجماعية للأسر المصرية، من جلسات الليل إلى رحلات السفر.
لم تتوقف أنغام عند حدود مصر، بل كانت ولا تزال إحدى أبرز الأصوات التي تمثل مصر في المحافل الغنائية الكبرى بالدول العربية، واستطاعت أن تبني جسرًا فنيًا بين القاهرة والخليج، وبين النيل والصحراء.
في الخليج العربي، أنغام تحظى بمكانة خاصة، نظراً لقدرتها على أداء اللهجة الخليجية بدقة وشعور عميق، كما في أغنيتها الشهيرة "لا تهجى"، "لا تغيب"، ما أكسبها جمهورًا ضخمًا في السعودية، الإمارات، والكويت.
في السعودية، شاركت في "ليلة صوت مصر" في موسم الرياض 2023، بحضور ضخم، وقدمت حفلات على مسرح محمد عبده أرينا، بحضور جماهيري ورسمي، مما عزز مكانتها كسفيرة للفن المصري الحديث.
في لبنان وسوريا، تُعد أنغام من الأصوات القليلة التي جمعت بين الاحترام الجماهيري والنقد الفني الإيجابي في بلاد تهتم كثيرًا بجودة الغناء، نالت تكريمات عديدة وشاركت في مهرجانات مثل "قرطاج" و"جرش".
أنغام في أوروبا... تمثيل مصر بصوت عالمي الطابع
رغم أن أنغام لم تسعَ للعالمية بالمعنى الغربي، فإنها مثلت مصر في عدد من المحافل والمهرجانات الثقافية الدولية في أوروبا:
في فرنسا وإنجلترا، قدّمت حفلات للجاليات العربية، واعتبرها كثيرون امتدادًا عصريًا لمدرسة أم كلثوم.
كما شاركت في فعاليات ثقافية نظمتها وزارة الثقافة المصرية في أوروبا، وقدّمت فنًا راقيًا يمثل الهوية المصرية في الغربة، بصوت حديث دون أن يذوب في ثقافة الآخر.
وفي تلك المناسبات، كانت أنغام صوتًا يثبت أن مصر لا تزال تمتلك قوى ناعمة تعبر بها الحدود دون تأشيرات سياسية، بل بلغة الفن.
الهوية... كيف حافظت أنغام على صوت مصر وسط تغيرات السوق؟
في زمن تغيرت فيه معايير النجاح من الصوت والأداء إلى "الترند والمشاهدات"، اختارت أنغام طريقًا صعبًا، وهو أن تُحافظ على الجودة، والكلمة، واللحن، لم تُقدم المهرجانات أو موسيقى التكنو، لكنها لم تظل جامدة، بل جدّدت في التوزيع الموسيقي، وتعاونت مع جيل جديد من الشعراء والملحنين.
حفلاتها في دار الأوبرا المصرية لا تزال تحجز بالكامل، رغم صعود أصوات جديدة؛ لأنها تقدم حالة من الإحساس والانضباط، وهذا ما يفتقده كثيرون اليوم.
أنغام... مصرية الهوى، عربية الحضور، عالمية الروح
أنغام ليست مجرد صوت جميل، بل مشروع فني وثقافي متكامل. استطاعت أن تُمثّل مصر أمام جمهور عربي وأوروبي، لا بصخب الاستعراض بل بقوة التأثير، واليوم، في ظل التحديات التي تواجه الأغنية المصرية، تبقى أنغام واحدة من آخر القلاع التي تحرس الذوق العام وتحمل اسم مصر برقي وفخر.