عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
أنور السادات: بين المجد والجدل
تقرير
المراية
شهد عبدالفتاح
5/8/20251 دقيقة قراءة


الرئيس محمد أنور السادات، سياسياً وضابطاً عسكرياً، شغل منصب الرئيس الثالث لجمهورية مصر العربية بعد الإطاحة بالملك فاروق وإنهاء عصر الملكية المصرية عقب ثورة 23 يوليو 1952 على يد الضباط الأحرار، الذي كان عضواً بارزاً فيها، وقاد حرب أكتوبر ضد الاحتلال لاسترداد سيناء، كما أنه وقع اتفاقية "كامب ديفيد" 1978، وهي اتفاقية السلام الأولى في العالم العربي مع إسرائيل، فكان أول زعيم عربي يزور إسرائيل، وهذا ما جعله يُلقب ببطل الحرب والسلام، لكن في الوقت نفسه اتهمه البعض بالخيانة العظمى أيضاً.
بداية السادات
ولد السادات في 25 ديسمبر عام 1918 في فترة الاحتلال البريطاني لمصر، بقرية ميت أبو الكوم التابعة لمحافظة المنوفية، لأسرة بسيطة جداً، والظروف القاسية التي نشأ فيها السادات جعلته يلجأ إلى البحث عن أي عمل في السابعة عشر من عمره، إلا أنه قدم في المدرسة الحربية وقُبل فيها، ثم تخرج بعد ثلاث سنوات عام 1938، ومن حسن حظه أن في تلك الفترة عُقدت معاهدة 1936 التي سمحت بانضمام ضباط مصريين إلى الجيش، وكانت دفعة السادات هي أول طليعة من الضباط المصريين بعد توقيع المعاهدة، وبعد تخرجه مباشرة تعيّن ملازم ثان في كتيبة مشاة في الإسكندرية، ثم تزوج من فتاة تُدعى "إقبال عفيفي"، ابنة أكبر أعيان محافظة المنوفية.
نُقل السادات إلى أسيوط في منطقة تُدعى منقباد، وهناك على حدود السودان تعرف على جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر، ثم نُقل مرة أخرى إلى مطروح عام 1939 بسلاح الإشارة، وذلك في نفس السنة التي اشتعلت فيها نيران الحرب العالمية الثانية، وتعرض السادات في تلك الفترة للمحاكمة من قبل الإنجليز عام 1942 لأنه تعاون مع الألمان ضد الاحتلال البريطاني، ثم تم فصله من الجيش، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بانتصار بريطانيا، عفت عن المعتقلين ومن بينهم السادات، لكنه لم يعد إلى الجيش، وعمل السادات كصحفي في جريدة المصور عام 1948، وهناك تعرف على زوجته الثانية جيهان صفوت رؤوف التي تزوجها وهو في الثلاثين من عمره، وكانت هي في الخامسة عشر، بعدما انفصل عن زوجته الأولى إقبال التي أنجب منها ثلاث بنات.
عاد السادات إلى الجيش بأمر من الملك عام 1950 بعدما توسط له يوسف رشاد، الطبيب الخاص للملك فاروق، فعاد برتبته "يوزباشي" التي فُصل عليها، وفي الوقت نفسه كان زملاؤه قد شكلوا تنظيماً سرياً داخل الجيش عام 1951 هو تنظيم "الضباط الأحرار"، الذي انضم إليه السادات فيما بعد.
الثورة و الحرب
أذاع السادات بيان ثورة 23 يوليو 1952 بنفسه في الراديو، وبعد الإطاحة بالملك أنشأ الرئيس جمال عبد الناصر جريدة الجمهورية، فعين السادات رئيس تحريرها، وكان السادات مقرباً جداً من عبد الناصر، حتى لُقب برجل الظل، إشارة إلى مرافقته له طوال الوقت، وتولى السادات منصب رئيس مجلس الشعب في آخر دورتين في حياة عبد الناصر، وفي عام 1967 توفى عبد الحكيم عامر، وبعدها بعامين أصبح السادات نائباً للرئيس عام 1969، وبعد سنة واحدة فقط، توفى جمال عبد الناصر عام 1970، ليصبح السادات رئيساً للجمهورية.
كانت توجهات السادات مختلفة تماماً عن فكر عبد الناصر، فدعم الاشتراكية، وعفا عن جميع المعتقلين من التيارات الإسلامية، وفتح المعتقلات أمام الكاميرات، كما قرر السادات أن يحرق التسجيلات الصوتية التي كانت تُسجل سراً في عهد النظام السابق، محاولاً بث فكرة أنه لم يكن راضياً عن سياسة عبد الناصر رغم قربه منه.
في الوقت نفسه كانت إسرائيل تحتل سيناء، واستمرت التجهيزات لحرب مرتقبة بدأ الإعداد لها في عهد عبد الناصر، وعندما جاءت سنة 1973، اندلعت حرب أكتوبر، وخرج منها السادات زعيماً منتصراً، لكن سرعان ما قرر عقد اتفاقية سلام مع الكيان الصهيوني بوساطة أمريكية، وفعلاً، زار إسرائيل، وجلس على طاولة المفاوضات، ووقّع اتفاقية كامب ديفيد، التي حصل بعدها على جائزة نوبل للسلام مع مناحم بيجن، رئيس وزراء إسرائيل آنذاك، وحظي السادات باهتمام عالمي واسع، ولقبته الصحف ببطل الحرب والسلام، لكن في المقابل، أثارت هذه الخطوة غضباً واسعاً في العالم العربي، واعتُبرت خيانة من قِبل كثيرين.
فتح السادات أبواب المعتقلات مرة أخرى، ولكن هذه المرة لاعتقال كل من عارضه من جميع التيارات، سواء إسلاميين أو يساريين، إلى أن قرر ملازم أول في سلاح المدفعية، خالد الإسلامبولي، اغتياله، وشاركه في العملية عطا طايل وضابط الدفاع الجوي عبد الحميد عبد السلام، وتم اغتيال السادات أثناء عرض عسكري بمدينة نصر، بمناسبة احتفالات 6 أكتوبر، لينتهي عصره باغتياله عام 1981، وسُجل هذا الحادث في التاريخ باسم "حادث المنصة"، وحُكم على الإسلامبولي بالإعدام رمياً بالرصاص في أبريل 1982.
متحف السادات
كان الرئيس السادات، رغم الجدل، يتمتع بكاريزما ودهاء سياسي، جعلا منه شخصية فريدة لا تزال حاضرة في الذاكرة المصرية، لذلك قررت مكتبة الإسكندرية، بالتعاون مع أسرته، إنشاء متحف دائم لتخليد ذكراه عام 2009، ويضم متحف السادات مجموعة كبيرة من مقتنياته الشخصية، مثل البدلة العسكرية التي كان يرتديها يوم اغتياله، وساعته، وأوسمته ونياشينه، وبعض من ملابسه المدنية والعسكرية، بالإضافة إلى جهاز الراديو الخاص به، ومكتبه ومكتبته الشخصية، وعدد من الكتب النادرة، وبورتريهاته، والعصى الخاصة به، والسيوف والدروع، والبايب الشهير، والعباءة التي كان يرتديها خلال زيارته لمسقط رأسه بقرية ميت أبو الكوم.
كما أهدت السيدة جيهان السادات المتحف مقتنيات تُعرض لأول مرة، منها صندوق يحتوي على ثلاث مسارج إسلامية ومسيحية ويهودية، كانت قد أُهديت للسادات خلال زيارته للقدس، وتضم المقتنيات أيضاً تسجيلاً للقرآن الكريم بصوته، وأوراقاً شخصية تتضمن قصة قصيرة كتبها بخط يده، وأملى جزءاً منها على زوجته، إلى جانب مجموعة نادرة من التسجيلات المرئية.