عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
"بن زايد" رجل الغرب بثوب العروبة
مقال
خط النار
أحمد عبدالرؤوف
6/10/20251 دقيقة قراءة


منذ أن صعد إلى سُدة الحكم، وظهر طيفه بين أطياف العرب، ونمى جذعه إلى أن أصبح شجرة فارعة؛ لم ينفك الجدل حوله ولا حول سياسته في إدارة بلاده، ولم تتوقف يومًا أقاويل الجدل حول "الملك الطائش" على حد وصف الكثيرين له، أو حتى كما أصفه أنا "الملك الغربي المُتوج على عرش العرب"، محمد بن زايد، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، والذي يعد واحدًا من أبرز رجال المال والسياسة والجدل اليوم، ليس فقط في الشرق الأوسط ولا ولكن بالعالم أجمع.
شكلت شخصيته الغير مفهومة شكل الإمارات بثوبها الجديد؛ فتحولت إلى قِبلة التهديد للعرب، والخنجر الذي يمتد إلى كل بلد عربي، حتى لو لم يكن الآمر واضحًا، فإن الإمارات وعلى رأسها "بن زايد" أصبحت التهديد الأبرز بين العرب والعروبة، وأصبحت الصديق الذي لا يؤتمن، والأخ الذي يُحب قتل أخيه، بل والوقوف في جنازته صائحًا باكيًا، وكأنه لم يكن يومًا قاتلًا!
رجل غربي بثوب "العروبة"
إذا رأيت "بن زايد"، فلن ترى إلا رجلًا عربيًا أصيلًا؛ لباس عربي شامخ، أصالة بدوية جامحة، يتحدث بلسان عربي مُبين، ولكن هل يُقيم الرجل دولة بلباسه؟ وهل تُحكم العادات بالملبس والمظهر؟ بالطبع لا، فالرجل تعلم في بلاد الغرب، يُفكر تفكيرهم، يستمد عزته منهم، يساعد أفكارهم على النمو والبروزة، يهتدي بهديهم، ويعيش بعيشهم، وكأنه غربي بثياب العروبة، أو كأنه عربي بقلب نابض للغرب!
مصر أكبر الخاسرين!
حضرت له الكثير من المواقف أثناء أزمات مصر الاقتصادية المُتتالية منذ العام ٢٠١٣، فقدم الدعم المادي لمصر، وقدم لنا الكثير في العلن، وهو الأمر الذي لا يُنكر -أن الإمارات دعمت مصر كثيرًا-، ولكن في باطن الأمر ماذا حدث؟ ذهب بن زايد إلى دعم بناء سد النهضة الذي يُعد الخطر الأبرز على الأمن القومي لـمصر، وذهب إلى الوقوف خلف كل المواقف والأزمات التي من شأنها أن تهز عرش مصر ومكانتها بين العالم؛ ففتح خزائن بلاده أمام كل ما يُضعف مصر، سرًا وعلانية، ولم يكتف بذلك، بل ذهب أيضًا إلى استغلال الوضع الاقتصادي للدولة المصرية، والدخول في صفقات بارزة، والاستحواذ على مناطق استراتيجية بارزة، فأصبح عدوًا بالخارج، وبالداخل، وإن كان يُظهر غير ذلك!
السودان تحت طلقات الغدر!
لا يخفى على أحد منا الفجر والدنائة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في حق المدنين من إخواننا بالسودان، قتل، تدمير، ترويع، تعديات جنسية في حق الشريفات من الشعب السوداني، ولكن اللغز الأكبر، من الداعم الأكبر الذي يمد هؤلاء الملاعين بالمال والسلاح؟ والعجيب أنك إذا بحثت ستجد أن الإمارات بزعامة بن زايد هي الداعم الأبرز لهؤلاء! فقدم الدعم المادي والعسكري الوفير لهؤلاء القتلة؛ فعاثوا في أرض السودان فسادًا، قتلوا النساء واغتصبوهن، شردوا الأطفال وقتلوهم شر قتلة، أذلوا من عاش من الرجال، فأصبحوا عصابة أشد من عصابات الصهاينة في غزة.
قدم الجيش السوداني الكثير من الشكاوى أمام مجلس الأمن ضد بن زايد وحكومته، وقطعوا العلاقات معهم، ولكن هذا لم يوقف النزيف، ولم تتنبه الإمارات إلى حجم الجرم الذي تقوم به في حق المدنين العُزل، وتستمر حتى يومنا هذا في دعم قوات الدعم السريع -السافلة-، وهو ما يوضح كم الدنائة التي تُحكم به الإمارات اليوم!
غزة لم تسلم هي الأخرى!
الحديث عن تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل لم يكن وليد اللحظات الأخيرة؛ بل هو قرار ورغبة يُمهد لها منذ سنوات، ولكن بعد هجمات السابع من أكتوبر، أصبح موقف الإمارات أكثر غرابة أمام أعين الجميع، تتحرك سفن الإمارات تحمل الطعام والشراب صوب فلسطين المُحتلة، قد يُخيل إلى عقلك أنها ذاهبة لتُنقذ أبناء المسلمين الجوعى، وأطفالهم العطشى، ولكن الحقيقة أنها ذاهبة لإمداد عدوهم، ذاهبة حتى يستطيع عدوهم اكمال القتل والتدمير وهو ملئان البطن، وفير الموارد، ولا ينقصه شئ، هكذا هي سياسة "بن زايد" مع الحرب الطاحنة على إخواننا بقطاع غزة!
تصريحات واهية، وتنديدات علنية مُزخرفة، هكذا هو الحال الذي يظهر أمام الأعين، وأننا هنا مع فلسطين وغزة، وأننا هنا مع إخواننا، وهو الأمر الذي يظهر فقط؛ أما واقع الأمر، فـالإمارات تدعم إسرائيل بكل ما أوتيت من قوة، وتدعم رسوخها وبقائها بكل ما تستطيع من جهد، وكأنها ليست عربية، وكأنها ليست بلادًا للمسلمين!
مرحبًا بالعم ترامب!
أشار الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" كثيرًا إلى أن بلاد الخليج تعج بالمال الذي لا يعرفون فيما ينفقونه، وصرح أنه لما لا يكون لينا نصيبًا من هذا المال؟ فنحن نحميهم، إلخ، وبطبيعة الحال لم ترد دول الخليج وعلى رأسها "بن زايد" والإمارات رغبات رجل العالم الأول، وقائد الدولة الأعظم، فسارعوا إلى دعوته، وتقديم تريليونات الدولارات له، جراء رضاه عنهم، وكأنه إله مُعظم، وكأنه يملك مفاتيح الدنيا والآخرة!
قدمت الإمارات "تريليون دولار" أو يزيد لترامب، وإذا كنت تريد معرفة حجم الرقم وماذا يُمكنه أن يفعل؛ فتخيل أن دولة كـمصر، والتي تُعاني من أظمة طاحنة بسبب الديون الخارجية، ومع ذلك فحجم الدين الخارجي لمصر يبلغ ١٤٠ إلى ١٦٠ مليار دولار، أي أن ما دفعته الإمارات لترامب قادر على سداد الدين العام الخارجي لمصر، وإن كان مضروبًا في أربع أضعاف أخرى!
وكذلك فإن ما أنفقته أمريكا على دعم إسرائيل في إبادة أبناء الشعب الفلسطيني، دفعته الإمارات مرة أخرى إلى أمريكا، وبطريقة غير مباشر، من يدعم إسرائيل المتمردة على بلاد العرب، هم العرب! أو قل هم قادة الغرب الحاكمين للعرب!
مصر تقود وإن حاكت بها الصعاب!
خلاصة الأمر؛ لكل جواد كبوة، ولكل فارس هفوة، ولكل ناجح سقطة، مصر وإن خارت قواها لبعض الوقت، وسقطت مكانتها، في مرحلة مؤقتة لن تلبث أن تزول، وكل ما يُحاك لنزع مكانتها وهيبتها، لن يكون مصيره إلا الخزي والخذلان، مهما طال البلاء، مصر هي القائد والسلاح، وهي الموجه واللواء، مهما تكالب عليها الأعداء!