عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.

بطرس غالي: من كامب ديفيد إلى أوسلو... محطات في مسيرة دبلوماسية معقدة

تقرير

المراية

إحسان أسامة

4/6/20251 دقيقة قراءة

في عالم السياسة الدولية، حيث تتلاطم الأمواج وتتصادم المصالح، برزت شخصية بطرس غالي كقائد يمتلك رؤية استراتيجية وقيادة فعّالة. من كامب ديفيد إلى أوسلو، ومن القاهرة إلى نيويورك، ترك بطرس غالي بصمته على تاريخ العالم الحديث. لم يكن مجرد سياسي عابر، بل كان رجل دولة استثنائيًا.

دخل الدكتور بطرس بطرس غالي التاريخ في الأول من يناير عام 1992 كأول عربي وأفريقي يتولى منصب الأمين العام للأمم المتحدة؛ ليصبح سادس شخصية تشغل هذا المنصب، بخلفيته الأكاديمية والدبلوماسية العريقة.

وُلد بطرس بطرس غالي في القاهرة عام 1922 لعائلة ذات جذور سياسية؛ حيث كان جده بطرس غالي رئيس الوزراء المصري من عام 1908 إلى 1910. حصل على شهادة الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة باريس عام 1949، حيث ركزت دراسته على المنظمات الإقليمية، وهو ما منحته فهماً عميقاً للعلاقات الدولية.

بدأ مسيرته الأكاديمية أستاذًا للقانون الدولي بجامعة القاهرة، ثم انتقل إلى العمل السياسي والدبلوماسي، حيث شغل منصب وزير الدولة للشؤون الخارجية في مصر من عام 1977 حتى 1991، مما جعله شاهدًا ومفاوضًا في اتفاقيات كامب ديفيد التاريخية بين مصر وإسرائيل عام 1979.

تولى بطرس غالي منصب الأمين العام للأمم المتحدة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة في عام 1992، حيث واجه تحديات كبيرة مع تعاظم النزاعات الداخلية في العديد من الدول. قدم تقريره الشهير "خطة للسلام" في عام 1992، الذي سعى من خلاله لتعزيز دور الأمم المتحدة في عملية بناء السلام بعد انتهاء النزاعات.

ومع ذلك، لم تكن سياساته دائمًا محط قبول، إذ اصطدم بالإدارة الأمريكية بقيادة بيل كلينتون بسبب موقفه المستقل من بعض القضايا الدولية، مثل التدخل العسكري الأمريكي في الصومال. وقد أدى ذلك إلى استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) لمنع إعادة انتخابه لولاية ثانية عام 1996، ليصبح أول أمين عام في تاريخ الأمم المتحدة يتم منعه من الترشح لفترة ثانية بقرار مباشر من واشنطن.

دوره في مفاوضات كامب ديفيد كان محط جدل، رغم أن الاتفاقية أنهت رسميًا حالة الحرب بين مصر وإسرائيل. وقد اعتبر البعض أن الاتفاقية كانت على حساب القضية الفلسطينية، بينما دافع غالي عن الاتفاقية كخطوة نحو تحقيق السلام، رغم الانتقادات التي طالتها من بعض الدول العربية.

بعيدًا عن السياسة، كان بطرس غالي مفكرًا. نشر العديد من الكتب والمقالات التي تناولت القانون الدولي والعلاقات الدولية، وأسّس مجلة "السياسة الدولية"، التي أصبحت مرجعية هامة في تحليل القضايا الدولية من منظور عربي.

واصل مسيرته في المؤسسات الدولية بعد مغادرته الأمم المتحدة، حيث ترأس منظمة الفرانكوفونية بين 1997 و2002، وسعى لتعزيز الحوار بين الشمال والجنوب في القضايا التنموية والاقتصادية.

بطرس غالي كان شخصية فكرية ودبلوماسية تركت بصمة لا تُنسى على تاريخ العالم الحديث. ورغم وجود اختلافات في تقييم مواقفه، تظل مسيرته مصدرًا للإلهام للأجيال القادمة، وتُظهر لنا كيف أن القيادة تتطلب دائمًا القدرة على اتخاذ القرارات الصعبة في سياقات معقدة.