عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.

بين الغياب والتجلي: منى زكي تُجسّد ما لا يُجسَّد

تقرير

وجه آخر

شمس ابوغنيمة

5/11/20251 دقيقة قراءة

في صمتٍ تام، ووسط أجواء من السرية المحكمة، تدخل منى زكي موقع تصوير فيلم "الست" لتجسّد أكثر الشخصيات تقديسًا في الوجدان العربي: أم كلثوم ، لا يراها أحد، لا يُسمح بتصويرها، وحتى فريق العمل لا يلمح ملامحها، وكأننا أمام إعادة بعث حقيقية لكوكب الشرق، لا مجرد تجسيد.

هذا التحول ليس وليد الصدفة، بل امتداد طبيعي لموهبة منى زكي المتعددة الوجوه؛ تلك التي لا تكتفي بأداء الدور، بل تتقمّصه، تتلبّسه، وتتلوّن به حتى تنسى هي ذاتها من تكون.

منى زكي... سيدة التحوّل في السينما المصرية

منذ بدايتها، قدّمت منى زكي نموذجًا نادرًا للممثلة التي لا تكرر نفسها ، لم تخشَ التنقل بين الأدوار الرومانسية، الاجتماعية، الكوميدية، وحتى النفسية المعقدة. وفي كل مرة، كانت تُفاجئ الجمهور بتجددها؛ من الزوجة الجريحة في "سهر الليالي"، إلى الأنثى الممزّقة بين الحب والكرامة في "عن العشق والهوى"، وصولًا إلى المرأة القوية المستقلة في "تيمور وشفيقة".

لكن قفزتها الأعنف جاءت مع أفلام كسرت القوالب النمطية للأنوثة، مثل "حالة حب" و"احكي يا شهرزاد"، حيث قدّمت وجع المرأة في مجتمعات مغلقة دون تزييف أو تجميل ، ثم تابعت تحديها الأجرأ في "الصندوق الأسود" و"العنكبوت"، عندما تخلّت عن ملامحها الناعمة لتكشف وجهًا آخر... أكثر قسوة، أو رعبًا، أو تمردًا.

5 ساعات يوميًا... لتحوّل كامل إلى "الست"

ما يحدث اليوم في كواليس "الست" يتجاوز كل ما سبق ،هنا، لا تكتفي منى زكي بتقديم شخصية تاريخية، بل تُعيد تشكيل ملامحها، صوتها، حركتها، وحضورها بالكامل لتُصبح "أم كلثوم"، تستيقظ يوميًا قبل التصوير بخمس ساعات، لتبدأ رحلة التحوّل بإشراف فريق تجميل أجنبي يعيد نحت ملامحها لتشبه أسطورة الغناء العربي.

هذا الجهد المضني لا يعكس فقط التزامها، بل يكشف عن فهمها العميق لطبيعة "الست" كرمز يتجاوز حدود التمثيل ، كل رفّة عين أو حركة يد محسوبة، وكل نغمة صوت تملك تاريخًا يجب احترامه.

بين السرية والتحدي: لماذا كل هذا الصمت؟

سرية مشددة تفرضها جهة الإنتاج والمخرج مروان حامد؛ ليس فقط لحماية العمل من التسريب، بل لحماية وهج المفاجأة ، منى زكي لا تظهر على مواقع التواصل، لا تُنشر لها صور، لا يتسرب شيء عن شكلها في الفيلم ، وكأن الفيلم يراهن على "الدهشة الكاملة" عند لحظة اللقاء بين المتفرج و"الست" على الشاشة.

والدهشة هنا ليست مجرد شكل، بل أداء. كيف ستُغنّي، تمشي، تتحدث، وتقنع جمهورًا بأكمله أن "أم كلثوم" عادت للحياة، لا أنها فقط مجسّدة سينمائيًا؟

منى زكي: الممثلة التي لم تتوقف عن التغيير

في كل عمل، تغيّر منى زكي جلدها ، لا تحمل دورًا سابقًا إلى دور جديد، بل تبدأ من الصفر، تتعلّم، تتعب، وتواجه. ولهذا، ظلت على مدار أكثر من 20 عامًا واحدة من أبرز ممثلات جيلها ، لا تنافس أحدًا، لأن مضمارها ببساطة... مختلف.

"الست" ليس مجرد محطة في مسيرتها، بل يمكن أن يصبح علامة فارقة في تاريخ السينما المصرية، إذا نجح في كسر رهبة تجسيد الأسطورة.

الست... التي تُحاكي الست

منى زكي لا تؤدي دور أم كلثوم، بل تتحدى نفسها لتُصبحها ، وبين التلوّن الذي اشتهرت به، والانضباط الذي يتطلبه هذا الدور، تدخل منى زكي أهم مغامراتها الفنية، مخاطِرة بكل شيء، من أجل أن تكتب اسمها بجوار أعظم الأدوار في تاريخ السينما المصرية .