عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
بين التهديد بالنفي وسحب الجنسية .. يوسف وهبي و صراعه مع الرقابة حول فيلم النبي محمد
خط النار
عمرو دياب عبدالفتاح
3/21/20251 دقيقة قراءة


المقدسات الدينية خط أحمر
بدأت القصة عندما عرضت شركة «ماركوس» السينمائية الألمانية، بمشاركة في التمويل من الحكومة التركية، على يوسف وهبي بطولة عمل فني يجسد قصة النبي محمد ﷺ، وذلك وفقًا لما نشرته مجلة «المسرح» في 26 مايو 1926.
أثار فيلم النبي محمد جدلًا واسعًا، حيث كانت محاولة من يوسف وهبي لتجسيد الرسول محمد ﷺ بالتعاون مع شركة إنتاج ألمانية بهدف تقديم قصة حياته وعظمة شخصيته بأسلوب فني. كان هذا الفيلم واحدًا من أكثر الأحداث إثارة للجدل في تاريخ السينما المصرية، بل والعربية أيضًا.
كان يوسف وهبي وقتها نجمًا لامعًا في السينما والمسرح، وأحد رواد الفن. وكانت السينما حينها تخطو خطواتها الأولى في العالم العربي، واعتُبرت وسيلة جديدة لنقل الرسائل الثقافية والدينية. وبحسب ما تردد حول الفيلم، أراد يوسف وهبي تقديم الرسول ﷺ كشخصية مثالية وملهمة تجذب الجمهور الدولي.
أصدر الأزهر بيانًا قويًا يعترض فيه على تصوير النبي محمد ﷺ، مؤكدًا أن تصوير الأنبياء محرم في الشريعة الإسلامية، إذ كان يرى أن تجسيد النبي قد يعرضه لاحتمالية التقليل من هيبته أو تحريف صورته. كما اعتبر الملك فؤاد أن المشروع يشكل خطرًا على السلامة الدينية والاجتماعية في البلاد. تدخل الملك بشكل مباشر، وأرسل رسالة إلى يوسف وهبي هدده فيها بالنفي وسحب الجنسية المصرية إذا أصر على المضي في الفيلم.
وفقًا لموقع مصراوي، كتب يوسف وهبي رسالة نشرتها الصحف قال فيها:
"إنني إذا كنت قد رضيت أن ألعب هذا الدور، فليس إلا لرفعة شأن النبي محمد ﷺ وتصويره أمام العالم الغربي بشكله اللائق به وحقيقته النبيلة. وليس الغرض من هذا الفيلم سوى الدعوة والإرشاد للدين الإسلامي. وليثق سيدي الغيور أنني أول من يعمل على رفعة شأن ديننا الحنيف، ولكن رجائي إليه ألا يصغي لأقوال الإفك وترهات قوم عرفوا بالخديعة والمَلَق."
واختتم رسالته قائلًا:
"بناءً على قرار أصحاب الفضيلة العلماء، واحترامًا لرأيهم السديد، أعلن أنني عدلت عن تمثيل الدور، وسأخطر الشركة بعزمي هذا."
تاريخ صراع المقدسات الدينية مع الأعمال الفنية
رغم منع تصوير الأنبياء في معظم الدول العربية والإسلامية، ظهرت بعض الأعمال الفنية التي تناولت شخصيات دينية بشكل غير مباشر، أو ركزت على المحيطين بهم دون تجسيدهم مباشرة.
فيلم الرسالة (1976) أخرجه مصطفى العقاد، وسرد قصة الإسلام المبكرة دون تجسيد شخصية النبي محمد ﷺ. تم استخدام شخصيات مثل حمزة بن عبد المطلب وبلال بن رباح لنقل الأحداث. ورغم الحذر الشديد الذي اتبعه العقاد، تعرض الفيلم لانتقادات ومنع في عدة دول عند بداية عرضه، لكن مع مرور الوقت، أصبح نموذجًا للأعمال الدينية التي توازن بين احترام المقدسات وإيصال الرسالة.
مسلسل يوسف الصديق (2008) تناول قصة النبي يوسف عليه السلام بشكل درامي، وجسد شخصيته بشكل مباشر. لاقى المسلسل قبولًا واسعًا في إيران وبعض الدول العربية، لكنه تعرض لانتقادات من علماء السنة الذين رفضوا تجسيد الأنبياء. أثار المسلسل جدلًا كبيرًا حول الشرعية الدينية لتجسيد الشخصيات النبوية.
مسلسل عمر (2012) استعرض حياة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مما أثار جدلًا حول تجسيد شخصيات الصحابة. رغم أنه لم يقترب من تصوير الأنبياء، إلا أن النقاشات التي صاحبته تعكس استمرار الحساسيات تجاه الشخصيات الدينية.
تفرض رقابة مشددة لحماية القيم الدينية والتراث الثقافي في العالم العربي، حيث يُنظر إلى تجسيد الشخصيات المقدسة بعين الحذر الشديد. في المقابل، يتمتع الفن الغربي بحرية أكبر في تناول الشخصيات الدينية والتاريخية، ما يسمح بإنتاج أعمال تتناول هذه القضايا دون قيود صارمة. ومع ذلك، غالبًا ما يتم تعديل هذه الأعمال عند عرضها في العالم العربي لتتوافق مع المعايير الدينية والاجتماعية. هذا التباين يعكس اختلاف الآراء حول ضرورة حماية المقدسات مقابل حرية التعبير الفني، وهو ما يستمر في إثارة الجدل كلما طُرحت أعمال تتناول شخصيات دينية.