عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
داخل عقل الأسد... كيف شكلت الطفولة والسلطة شخصية الديكتاتور؟
سلسلة تقارير : من كتب علم النفس .. حكايات الطغاة
باروميتر
دنيا عبدالفتاح
5/27/20251 دقيقة قراءة


"أردت أن يكون لقائي معكم مباشرًا ترسيخًا للتفاعل والعفوية اللذين ميزا العلاقة... وإن تأخرت عليكم بالكلام رغم إلحاح البعض علي ممن التقيت بهم للحديث إلى المواطنين فذلك لأني لا أريد منبراً دعائيًا..."
في خضم تصاعد الاحتجاجات الشعبية في سوريا ضد الرئيس بشار الأسد عام 2011، ألقى بشار هذا الخطاب في جامعة دمشق بتاريخ 20 يونيو، مما يُظهر انفصالًا عن الواقع، وكأنه يعيش داخل عالم منفصل يحكمه ويحبه فيه شعبه.
ويُعزّز هذا الانفصال عن الواقع ما حدث عام 2007، حينما سأله الصحفي ديفيد ليتش بعد فوزه المزعوم في الانتخابات، فأجاب بثقة واقتناع تام: "بالطبع، هذا لأن الناس يحبونني."
والجدير بالذكر أنه تم تجديد ولايته عبر استفتاء حصل فيه على نسبة 99.82% من الأصوات، في انتخابات وُصفت بأنها غير تنافسية، حيث كان الأسد المرشح الوحيد، وتم تعديل الدستور في عام 2000 لخفض سن الترشح للرئاسة من 40 إلى 34 عامًا، مما مكنه من الترشح بعد وفاة والده حافظ الأسد.
"بشار الأسد… الحاكم الذي حيّر المحللين النفسيين"
يصف الصحفي سام داغر في كتابه Assad or We Burn the Country الرئيس السوري بشار الأسد بأنه يتسم بسمات "سيكوباتية"، ويتحرك بدوافع تقوم على القمع والخوف، لا على الإصلاح أو الحكم الرشيد.
أما المحلل السياسي رياض قهوجي، فقد أشار في تحليله لخطاب الأسد الذي ألقاه في دار الأوبرا بدمشق في 6 يناير 2013، إلى أن الرئيس السوري بدا منفصلًا تمامًا عن الواقع. وأضاف قهوجي أن الأسد لم يشذّ عن نهج خطابات قادة حزب البعث المعتادين على مخاطبة جماهير "الهتافين"، مشيرًا إلى أن الخطاب عكس حالة من الإنكار التام، إذ أكد فيه الأسد قرب الانتصار على المعارضة، متجاهلًا وجود ثورة كانت مستمرة في البلاد بالفعل قبل 22 شهرًا من إلقائه الخطاب.
وترى الطبيبة النفسية لونا حسن أن بشار الأسد يُظهر بوضوح علامات اضطراب الشخصية النرجسية، وهو اضطراب يجعل صاحبه غير قادر على رؤية نفسه أو الواقع من منظور نقدي.
وتُعزز هذا الرأي الباحثة في العلوم النفسية روان الرز، التي أكدت أن الشخصيات النرجسية "لا تتعامل مع الواقع كما نتعامل معه نحن، ولا تراه من منظورنا".
"حين يرث الخجول دولة"
ترافقت الاضطرابات النفسية التي يتحدث عنها محللون وخبراء مع بشار الأسد منذ سنوات شبابه الأولى. لم يكن الابن المفضل لدى والده الرئيس السابق حافظ الأسد، بل كان الخجول بين شقيقين قاسيين. يروي صديق له من كلية الطب أن بشار كان شديد التحفظ، بالكاد ينظر في عيني من يتحدث إليه، ويضع يده على فمه أثناء الكلام، في سلوك يعكس هشاشة داخلية وثقة مهزوزة بالنفس.
لم يكن بشار الأسد مهيأً للحكم، لكنه وجد نفسه على رأس دولة يبلغ عدد سكانها نحو 20 مليون نسمة، لا يتمتع معظمهم بحقوق المواطنة الكاملة.
هذه البيئة الاستبدادية المغلقة، إلى جانب الطفولة المعقدة، ساهمت في تشكيل شخصية متوترة ومنفصلة عن الواقع، كما يرى كثير من المحللين النفسيين.
"اتحاد المرض النفسي مع السلطة"
منذ اندلاع ثورات الربيع العربي، ظهرت ملامح ديكتاتورية بشار الأسد بوضوح، إذ اعتبر كل صوت معارض مؤامرة خارجية، وبدأت حملات الاعتقال والاختفاء القسري، حيث اختفى عشرات الشبان في دهاليز جهاز الأمن السياسي.
وفي مواجهة دعوات سلمية عُرفت بـ"جمعة الكرامة"، دخل النظام في حلقة من الإبادة الجماعية استمرت لأكثر من عامين، تخللتها مجازر وقصف لمناطق المدنيين.
ثم جاءت معركة حلب عام 2016، التي وصفتها منظمات حقوقية دولية بأنها جريمة حرب، بعد أن حوّل الأسد المدينة إلى ركام، متجاهلًا كل الدعوات الدولية لوقف القصف.
وفي أبريل 2018، وُجّهت أصابع الاتهام للنظام باستخدام السلاح الكيماوي في مدينة دوما بالغوطة الشرقية، مما أسفر عن عشرات القتلى من المدنيين، كثير منهم من الأطفال.
كل هذه الأحداث، وفقًا لتحليلات عدد من الكتب المتخصصة وعلماء النفس السياسي، تُظهر نمطًا متكررًا في شخصية الأسد، ينطوي على سمات نرجسية وسيكوباتية، تتجلى في الإنكار، العدوان، وانعدام التعاطف.
فهل كان بشار الأسد مريضًا… أم أنه عقل بارد تحرّكه غريزة البقاء فقط؟