عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
دماء بين الرمال.. في ذكرى وفاة الشهيد عبد المنعم رياض
عالم الموتى
إحسان أسامة
3/10/2025


تحتفل مصر في التاسع من مارس من كل عام بيوم الشهيد والمحارب القديم، تخليدًا لذكرى الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداءً للوطن، وعلى رأسهم الفريق أول عبد المنعم رياض، الذي سطّر بدمائه ملحمة بطولية أصبحت رمزًا للتضحية والفداء.
في يوم الشهداء، نستعيد ذكريات الماضي، ونستذكر تضحيات من قدموا أرواحهم فداءً للوطن. كما نستعيد روح المقاومة والصمود، التي كانت سمة مميزة للشهداء الذين ضحّوا بحياتهم من أجل الوطن.
في هذا التقرير، سنتحدث عن الشهيد عبد المنعم رياض، القائد المصري الذي قاد الجيش في العديد من المعارك ودافع عن أرض مصر وسيادتها. ويعد يوم التاسع من مارس ذكرى وفاته، وهو اليوم الذي أصبح لاحقًا يُعرف بيوم الشهيد، تخليدًا له ولكل شهيد قدّم دمه لتبقى مصر حيّة.
مُلهم الحرب وقائد الاستنزاف
بعد النكسة، استدعى الرئيس جمال عبد الناصر البطل عبد المنعم رياض وعيّنه رئيسًا للأركان. وكان من أقواله الشهيرة: "إذا وفرنا للمعركة القدرات القتالية المناسبة، وأتحنا لها الوقت الكافي للإعداد والتجهيز، وهيأنا لها الظروف المواتية، فليس ثمة شك في النصر الذي وعدنا الله إياه". كما قال: "لن نستطيع أن نحفظ شرف هذا البلد بغير معركة.. عندما أقول شرف البلد، فلا أعني التجريد، وإنما أعني شرف كل فرد.. شرف كل رجل وكل امرأة".
بدأ الفريق عبد المنعم رياض الإعداد لحرب الاستنزاف، التي شهدت العديد من العمليات العسكرية الناجحة، وأسفرت عن تدمير 60% من تحصينات خط بارليف، الذي تحوّل من خط دفاعي إلى مجرد إنذار مبكر. كما تم خلال هذه الحرب تدمير المدمرة الإسرائيلية "إيلات" في 21 أكتوبر 1967، وإسقاط عدد من الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامي 1967 و1968.
ونجح القائد في كسر أسطورة عسكرية سائدة آنذاك، حيث كان العسكريون يؤمنون بأنه لا يمكن مواجهة دبابة إلا بدبابة، لكنه قدّم إضافة جديدة في حرب المدرعات منذ عام 1968، إذ بدأ تدريب المشاة سرًّا على كيفية تدمير الدبابات، وهو ما ساهم لاحقًا في تجهيز الجندي المصري ليصبح مدمّرًا للدبابات خلال حرب أكتوبر. ومن هنا، خرج لمصر أبطال آخرون مثل محمد المصري، الذي دمّر 27 دبابة، وعبد العاطي عبد الله، الذي دمّر 26 دبابة، متجاوزين بذلك الرقم القياسي لأحد الجنود الروس الذي دمّر 7 دبابات في الحرب العالمية الثانية.
أما أعظم إنجازاته، فهو تصميمه للخطة الحربية (200)، التي كانت الأساس في الخطة (جرانيت)، والتي طُوّرت لاحقًا لتصبح خطة العمليات في حرب أكتوبر تحت اسم (بدر).
نهاية ملحمة من المقاومة والصمود
أشرف الفريق عبد المنعم رياض على الخطة المصرية لتدمير خط بارليف خلال حرب الاستنزاف، وقرر أن يشرف بنفسه على تنفيذها. وتحدد يوم السبت 8 مارس 1969 موعدًا لبدء التنفيذ، وفي التوقيت المحدد، انطلقت نيران المصريين على طول خط الجبهة، مكبدةً الإسرائيليين خسائر فادحة خلال ساعات قليلة، حيث تم تدمير جزء من مواقع خط بارليف وإسكات بعض مواقع مدفعيته، في أعنف اشتباك شهدته الجبهة قبل حرب 1973.
وفي اليوم التالي، قرر الفريق التوجه بنفسه إلى الجبهة لرؤية نتائج المعركة عن قرب، ومشاركة جنوده في مواجهة الموقف. زار أكثر المواقع تقدمًا، والتي لم تكن تبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية سوى 250 مترًا، ووقع اختياره على الموقع رقم 6، وهو أول موقع أطلق نيرانه بكثافة على دشم العدو في اليوم السابق.
في هذا الموقع، شهدت الساعات الأخيرة من حياته، حيث انهالت نيران العدو فجأة على المنطقة التي كان يقف فيها وسط جنوده. استمرت المعركة التي كان يقودها الفريق بنفسه حوالي ساعة ونصف، إلى أن انفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب من الحفرة التي كان يقود المعركة منها. وبسبب الشظايا القاتلة وتفريغ الهواء، استشهد عبد المنعم رياض عن عمر ناهز 32 عامًا، قضى معظمها في خدمة الجيش المصري.
كان الفريق عبد المنعم رياض الأب الروحي والمُلهم لجنود الجيش المصري، وصاحب الدور الكبير في حماية أرض مصر وسيادتها، وترك خلفه إرثًا عسكريًا سيظل خالدًا في تاريخ الأمة.