عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
في ذكرى وفاة محمود المليجي.. من شراكة يوسف شاهين إلى أيقونة فنية عالمية
تقرير
المراية
ندى محمد
6/5/20251 دقيقة قراءة


تحلّ اليوم، 6 يونيو، ذكرى وفاة الفنان الكبير محمود المليجي، الذي تألق في سماء الفن المصري لعقود، وخلّد اسمه كأحد أبرز أعمدة التمثيل في تاريخ السينما. لم يكن محمود المليجي مجرد "شرير الشاشة"، بل ممثلًا استثنائيًا تميز بقدرة نادرة على تجسيد الانفعالات الإنسانية بأدق تفاصيلها.
ومن بين محطات مشواره الحافل، كانت علاقته بالمخرج الكبير يوسف شاهين واحدة من أهم المنعطفات التي كشفت عن وجهٍ آخر لموهبته، وجه لم يكن كثير من المخرجين قد اكتشفوه بعد.
فبينما انشغل البعض بحصره في أدوار الشر، رأى شاهين فيه طاقة تمثيلية هائلة تستحق أن تتحرر من الأنماط التقليدية. لم يقدمه كمجرد ممثل، بل تعامل معه كشريك فني قادر على حمل أدوار ثقيلة ومركبة، فكانت النتيجة أعمالًا خالدة غيّرت نظرة الجمهور والنقاد إلى المليجي، وأعادت تقديمه بصورة جديدة تمامًا.
وأبرز هذه الأعمال شخصيته الخالدة في فيلم الأرض، التي أصبحت واحدة من أيقونات السينما المصرية. وما يجعل إشادة يوسف شاهين بمحمود المليجي أكثر خصوصية، أن شاهين لم يكن ممن يوزعون المديح بسهولة، بل كان معروفًا بصراحته وصرامته الشديدة مع الممثلين، حتى مع أقربهم إليه.
المليجي في أدوار مختلفة.. مع يوسف شاهين يتجاوز الحدود
شارك محمود المليجي في عدد كبير من الأعمال الفنية مع مختلف المخرجين، لكن نقطة التحول ومحطته الأبرز كانت تعاونه مع المخرج يوسف شاهين، الذي كشف عن موهبته الفنية وقدراته التمثيلية الهائلة بعيدًا عن أدواره النمطية في الشر.
بدأت العلاقة الفنية بين محمود المليجي ويوسف شاهين بفيلم جميلة عام 1958، حيث جسد المليجي شخصية المحامي الفرنسي جاك فيرجيس. ورغم أهمية هذا الظهور، فإن التحول الحقيقي جاء في فيلم الأرض، حين قدم شخصية محمد أبو سويلم بإحساس عميق وتجسيد إنساني مدهش، جعل منها إحدى أعظم الشخصيات في تاريخ السينما المصرية.
ومنذ ذلك العمل، أصبحت الشراكة بين المليجي وشاهين محطة بارزة، حيث شارك في مجموعة من أعماله المؤثرة مثل الاختيار، الناس والنيل، العصفور، عودة الابن الضال، إسكندرية ليه، وحدوتة مصرية، ليرسّخ حضوره كأحد أعمدة الأداء السينمائي.
التمثيل الصامت الذي أسر قلب يوسف شاهين
في أكثر من لقاء، أعرب يوسف شاهين عن تقديره العميق لموهبة محمود المليجي، مؤكدًا أن ما يملكه هذا الفنان من قدرة على التعبير الصادق يفوق الوصف. وكان كثيرًا ما يستعيد مشهد الوداع في فيلم إسكندرية ليه، حين يؤدي المليجي جملة بسيطة وهو يودع ابنه، لكنها خرجت منه بصدقٍ بالغ جعل شاهين يقول إنه شعر بـ"وجع في القلب" من شدة التأثر.
لم تكن الكلمات هي ما صنع وقع المشهد، بل كانت نظرات المليجي، ونبرته، وانفعاله الداخلي، التي نقلت مشاعر الأب الحزين بأقل القليل من الحوار، وهو ما اعتبره شاهين ذروة الإتقان في الأداء التمثيلي.
تحدي التصوير وأداء المليجي الذي أبهر يوسف شاهين
تحدث شاهين أيضًا عن أحد أهم مشاهد فيلم الأرض، وتحديدًا لحظة تسلُّم محمد أبو سويلم "المليجي" المبلغ المالي من محمد أفندي "حمدي أحمد"، حيث طلب شاهين من المليجي أن تبقى الدموع متجمعة في عينيه دون أن تنهمر، في تعبير صامت عن القهر والانكسار.
استطاع المليجي تنفيذ المشهد بإتقان شديد من المرة الأولى، لكن عطلًا فنيًا أجبرهم على إعادة التصوير. والمدهش أن المليجي أعاد الأداء سبع مرات متتالية بنفس التركيز والانفعال والتفاصيل الدقيقة، ما أثار انبهار شاهين، الذي قال إن ما فعله المليجي "مشهد يُدرَّس في احترام الممثل لفنه والتزامه الكامل أمام الكاميرا".
محمود المليجي بين العالمية والتمسّك بالقيم الوطنية
أشاد النقاد والجمهور بمستوى محمود المليجي الفني، حتى أطلقوا عليه لقب "أنتوني كوين الشرق" بسبب أدائه اللافت في النسخة العربية من فيلم القادسية، حيث أدى الدور نفسه الذي برع فيه أنتوني كوين في النسخة الأصلية، واعتبره كثيرون أفضل منه في هذا الدور.
وفي عام 1954، عُرض على المليجي المشاركة في الفيلم العالمي وادي الملوك إلى جانب النجم روبرت تايلور، بدور شخصية انتهازية. لكنه رفض قبول الدور، ليس لأنه يمثل شخصية شريرة كان معروفًا بها، بل لأنه رفض أن يرتبط اسمه بأي عمل يروّج لبيع آثار وطنه، مهما كان السياق تمثيليًا فقط.