عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
غادة السمان: أنثى تكتب كما تعيش… بحرية لا تُروَّض
تقرير
وجه آخر
نورهان عادل
5/22/20251 دقيقة قراءة


في عالم يحاصر الأنثى بالكتمان، كانت غادة السمان صرخة.
كتبت كما تحب، وعاشت كما تكتب. امرأة جاءت من دمشق، لكن صوتها تجاوزه ليكون صوت امرأة عربية ترفض القوالب، وتكتب حبها، حزنها، ثورتها… دون خوف.
البدايات: بين دمشق وبيروت… ميلاد كاتبة لا تشبه غيرها
وُلدت غادة السمان عام 1942 في دمشق، لعائلة مثقفة؛ والدها كان مثقفًا ووزيرًا للتعليم، مما أتاح لها التمرّس على اللغة والفكر مبكرًا.
درست الأدب الإنجليزي بجامعة دمشق، ثم حصلت على الماجستير في المسرح من الجامعة الأميركية في بيروت، حيث بدأت رحلتها في الكتابة من قلب العاصمة التي لا تنام.
كانت بيروت في الستينات مدينة الأفكار، الحب، والتجريب… وهناك أطلقت غادة أولى صرخاتها في وجه التقاليد.
الكتابة كفعل حب وتمرد
منذ مجموعتها القصصية الأولى "عيناك قدري"، بدا واضحًا أن غادة لا تكتب كغيرها.
لم تكن "كاتبة رومانسية"، بل أنثى تخلع القناع عن العاطفة، وتمشي بها في شوارع الرفض، وأحيانًا الانكسار.
كتبت الحبّ كحرية لا كاستسلام، وكشفت هشاشة المرأة دون أن تهزمها.
في "رسائل الحنين إلى اليأس"، "لا بحر في بيروت"، و"الرهينة"، كانت المرأة البطلة ليست ضحية، بل شاهدة.
بيروت الحاضرة في كل شيء
لم تكن بيروت مجرد خلفية لأدب غادة، بل بطلة، ورفيقة، وامرأة ثالثة.
هي التي علمتها أن الحنين لا يعفي من الغضب، وأن الحب لا يلغي الرغبة في الهروب.
في أدبها، تظهر بيروت كمدينة لا تسأل المرأة أن تصمت، بل تمنحها دفترًا فارغًا لتكتب.
فضيحة أم ثورة؟ رسائل أنسي الحاج وغسان كنفاني
بعد وفاة غسان كنفاني، ظهرت رسائل غسان إلى غادة، والتي نشرتها لاحقًا، مثيرة جدلًا كبيرًا.
اتهمها البعض بانتهاك الخصوصية، وردّت بأن رسائل الحب ليست عارًا، بل وثيقة لعصر عاش الحب سرًا وخاف الاعتراف.
غادة لم تكن تكتب "عن الحب"، بل كانت تعيشه نصًا نصًا، وسطرًا سطرًا، كما فعلت في علاقتها المليئة بالرموز مع أنسي الحاج أيضًا.
كاتبة لا تُصنّف… وأدب لا يشيخ
لم تنتمِ غادة السمان لتيار أدبي واحد، ولم تتبنّ قضايا أيديولوجية كُبرى.
قضيتها كانت دائمًا: الإنسان… وبالأخص: المرأة التي تكتب، وتحب، وتشتاق، وتخاف… لكنها لا تنكسر.
لم تكرّس نفسها نجمة للمقابلات أو الظهور الإعلامي. بالعكس، انسحبت بهدوء إلى عوالمها، واحتفظت بنصها أكثر من صورتها.
غادة السمان اليوم: صوت لا يزال يهمس في أذن القارئة
في زمن السرعة والصراخ، تبقى نصوص غادة مثل نَفَس هادئ، مثل اعتراف في منتصف ليل.
هي ليست فقط كاتبة، بل مرآة لامرأة عربية أرادت أن تعيش حريتها كاملة، فدفعت الثمن، وكتبت عن الألم كمن يغني.