عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.

هل يُعامل اللاعب كنجم.. أم مجرد موظف ينتهي دوره بانتهاء زمن المباراة؟

مقال

خط النار

دنيا الحلال

5/29/20251 دقيقة قراءة

على هامش فوز الأهلي على فاركو في استاد القاهرة وفوز الأهلي المصري بالدوري رقم 45 له وسط جماهيره، لم تكن كل الاحتفالات تسير بسلاسة، وسط الأجواء المبهجة، وبينما تلك الجماهير لا تزال تملأ المدرجات بالهتاف والتصفيق بعد إعلان الأهلي بطلا للدوري المصري، اقترب إمام عاشور، لاعب الأهلي، من بوابة جانبية للملعب حاملاً طفلته الصغيرة، في محاولة للدخول والاحتفال معها داخل أرضية الملعب، لكن البوابة لم تُفتح.

توقّف اللاعب، ودار نقاش بينه وبين أفراد الأمن، تزايد التوتر سريعًا، وتحولت المحاولة الهادئة إلى لحظة شدّ وجذب، بعدما أصر إمام على الدخول، وعبّر عن انزعاجه من المنع بطريقة واضحة.

ورغم التوتر، استطاع في النهاية الدخول، ونجح في أن يحتفل مع طفلته، لكن بعد مشهد لم يكن في حسابات تلك الليلة.

في المقابل، اعتدنا على مشاهد مختلفة تمامًا في الملاعب الأوروبية؛ محمد صلاح، على سبيل المثال، كثيرًا ما ظهر في احتفالات رسمية داخل الملعب مع أسرته، في لقطات تلقى ترحيبًا واهتمامًا إعلاميًا وجماهيريًا واسعًا.

المشهد يطرح سؤالًا بسيطًا: هل يُعامل اللاعب هنا كنجم حقيقي… أم كمجرد موظف، ينتهي دوره بانتهاء وقت المباراة؟

هنا لا نتحدث فقط عن لحظة احتفال كان من الممكن أن تمر بسلام، بل عن مشهد يعكس فجوة حقيقية بين "اللوائح" و"الواقع الإنساني"، خاصة حين يكون اللاعب هو نفسه أحد عناصر الاحتفال بانتصار فريقه، وأحد رموزه في اللحظة.

فور انتشار مشهد إمام عاشور، استعاد الجمهور لقطة محمد صلاح واسرته هذا الأسبوع، خلال احتفالات الدوري الإنجليزي، حين دخلت طفلتي صلاح أرضية ملعب أنفيلد ليحتفلون معه في مشاهد متكررة وسط تصفيق الجمهور، بينما وقف صلاح يبتسم وسط عائلته دون أي عوائق أو تدخلات.

هذه الصورة، التي أصبحت أيقونية، لم يُنظر لها في إنجلترا كخرق للنظام أو تهديد أمني، بل كجزء من ثقافة رياضية تحتفي باللاعب كإنسان، وتفهم عمق علاقته بأسرته، وتمنحه المساحة لمشاركة لحظاته الخاصة مع جمهوره.

القوانين بين التطبيق الحرفي والتقدير الإنساني

في السياق المصري، تخضع الملاعب لمنظومة تنظيمية صارمة، يفرضها اتحاد الكرة، بالتعاون مع الجهات الأمنية، معظم اللوائح لا تسمح بدخول أي فرد إلى الملعب دون تصريح رسمي، سواء كان إداريًا أو إعلاميًا أو من أسر اللاعبين، ومع ذلك، لا توجد لائحة تمنع دخول الأطفال أو أفراد الأسرة بعد انتهاء المباراة، خاصة في مباريات غير مصيرية ولا تشهد توترات جماهيرية.

ما حدث مع عاشور لم يكن خرقًا صريحًا للقانون، لكنه كُشف عن تطبيق حرفي مفرغ من المرونة، التعامل مع لاعب داخل ناديه، عقب مباراة محسومة، وفي لحظة احتفالية، لا يتطلب التشبث القاسي بالنص إذا لم يكن هناك خطر حقيقي.

كيف يجب أن يُعامل النجوم؟

القضية هنا ليست فقط في كسر لحظة احتفال شخصية، بل في الصورة الأكبر التي تُرسم عن كيفية تعامل المنظومة الرياضية مع لاعبيها.

هل يُعامل اللاعب كنجم، أم كمجرد موظف ينتهي دوره بانتهاء زمن المباراة؟

وهل تغيب عن بعض المسؤولين فكرة أن لحظات مثل هذه تصنع العلاقة بين النجم وجمهوره، وتضيف بُعدًا إنسانيًا يعزز من صورة النادي والكرة المصرية؟

توصيات لواقع أكثر نضجًا:

1- إعادة النظر في بروتوكولات ما بعد المباراة، بما يسمح بمرونة مشروطة في دخول الأطفال أو أفراد الأسرة في نطاق آمن.

2- تدريب العناصر الأمنية على التفريق بين "منع التجاوز" و"كسر اللحظة".

3- استحداث تصاريح مؤقتة للاحتفالات في المباريات ذات الطابع الخاص، لتفادي المواقف الحرجة.

4- تعزيز ثقافة "الاحتفال الإنساني" داخل الرياضة المصرية، بدل حصرها في إطار رقابي بحت.

إمام عاشور لم يكن يطالب بشيء استثنائي، هو فقط أراد أن يُشارك ابنته لحظة فرح، تُسجل في ذاكرة أسرته وذاكرة جمهوره، المشهد كان يمكن أن يكون بسيطًا، إنسانيًا، وربما حتى ملهمًا؛ لكن بدلاً من ذلك، تحول إلى صراع على بوابة، وسط شد وعنف لفظي.

فالرياضة ليست مجرد قوانين صمّاء، بل هي أيضًا مشاعر وعلاقات ورموز، وإذا فقدت هذه الأبعاد، فإننا لا نخسر فقط لحظة احتفال، بل نخسر روح الرياضة نفسها.