عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
إبراهيم يسري.. حين صار الرحيل امتدادًا للميلاد
تقرير
المراية
منار تامر
4/20/20251 دقيقة قراءة


في العشرين من أبريل، تتقاطع الذاكرة مع القدر، ويصير الميلاد هو ذاته الرحيل.. كأن الزمن شاء أن يُدوِّن سيرة الفنان إبراهيم يسري بين سطرين من الضوء، بدايته ونهايته في اليوم نفسه، لتظل روحه حاضرة بيننا كلما أشرقت شمس هذا التاريخ.
وُلد يسري في قلب القاهرة عام 1950، لكنه لم يكن مجرد ابنٍ لهذه المدينة الصاخبة، بل كان أحد وجوهها المضيئة، الذين عبروا من المسرح إلى الشاشة بوقار الفنان وصدق الإنسان.
تخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية، لا باحثًا عن شهرة زائفة، بل عن المعنى، عن القيمة، عن دور يُشبهه ويُشبهنا.
لم يكن إبراهيم يسري نجم الشباك أو فارس الصدارة، لكنه كان "الظل الجميل" الذي يمنح الحكاية عمقها، والصورة دفئها.. حين تراه في عمل فني، تستقر ملامحه في القلب قبل العين، فكان مزيجًا من الطيبة والحكمة، الحزن النبيل، والسكينة التي لا تُشترى ولا تُقدَّر بثمن.
في المال والبنون، وفي ليالي الحلمية، كان يسري هو الحضور الذي لا يعلو صوته، لكنه يُسمع جيدًا؛ كان يُجسّد الأب، الصديق، العاشق، الإنسان، دون أن يتورط في ضجيج الأداء أو استعراض النجومية.
لم يكن الفن عند إبراهيم يسري مجرد مهنة، بل سلوك حياة. ففي زمنٍ كثرت فيه الأدوار وتقلصت القيم، ظل هو وفيًا لصوته الداخلي، منتقيًا أدواره كما ينتقي الشاعر كلماته.
لم يُعرف عنه إثارة، ولا دخل معارك، بل مرّ في الحياة كما مرّ في الفن: نبيلاً، بسيطًا، وأنيقًا.
في يوم ميلاده الخامس والستين، خفت صوته فجأة.. ورحل، وكأنما أراد أن يختم فصله الأخير بهدوء، دون وداعٍ طويل، دون أضواء، تاركًا خلفه أثرًا لا يُمحى، وأدوارًا لا تزال تحكي عنا وعنه.
بكى عليه زملاؤه وجمهوره كما يُبكى الأخ النبيل، لا لأنه رحل فقط، بل لأنه عاش بينهم كما يجب أن يعيش الفنان الحقيقي: في الظل المضيء، وفي الصدق الهادئ، وفي حكايات الناس.
كلما مرّ العشرون من أبريل، لا نتذكره فقط، بل نفتقده.. نفتقد وجهًا كنا نطمئن لرؤيته، وصوتًا كنا نثق فيه، وممثلًا لم يكن يؤدي الدور، بل يعيشه.
إبراهيم يسري.. سلامٌ عليك في يوم ميلادك ويوم رحيلك، وفي كل لحظة نحتاج فيها إلى فن صادق وإنسان جميل، ونبحث عنك في الوجوه على الشاشات فلا نراك.