عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
إيلي كوهين: الجاسوس الذي اخترق قلب النظام السوري
تقرير
خط النار
مني حامد
5/21/20251 دقيقة قراءة


صباح يوم 18 مايو 1965، شهدت ساحة المرجة في دمشق مشهدًا نادرًا ومثيرًا: تنفيذ حكم الإعدام علنًا برجل كان حتى وقت قريب أحد أبرز الوجوه الاجتماعية قرب السلطة.
عرفه السوريون باسم "كامل أمين ثابت"، رجل أعمال سوري مهاجر عاد ليستثمر في بلده، لكن اسمه الحقيقي كان إيلي كوهين، جاسوس جهاز الموساد الإسرائيلي الذي تسلل إلى عمق مراكز النفوذ في سوريا خلال أوائل الستينيات.
من الإسكندرية إلى تل أبيب
وُلد إيلياهو بن شاؤول كوهين في مدينة الإسكندرية المصرية عام 1924 لعائلة يهودية من أصول سورية. تلقى تعليمه في مدارس فرنسية ويهودية، وكان يتحدث العربية بطلاقة بلهجة شامية.
هاجر إلى إسرائيل بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وهناك جذب انتباه جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد"، الذي رأى فيه مرشحًا مناسبًا لمهمة تجسس دقيقة في دولة معادية.
"كامل أمين ثابت"… هوية وهمية
أنشأ الموساد له هوية مزيفة باسم "كامل أمين ثابت"، رجل أعمال سوري عاش فترة في الأرجنتين. في عام 1961، سافر كوهين إلى بوينس آيرس، حيث بدأ بناء شخصيته الجديدة بين الجالية السورية، مستخدمًا لهجة دمشقية، وسلوكيات مألوفة في المجتمع العربي، مما سهّل عليه اكتساب الثقة.
وفي العام التالي، وصل إلى دمشق عبر دعم من علاقاته هناك، واستقر في حي أبو رمانة، أحد أحياء العاصمة الراقية، ليبدأ مرحلة جديدة من نشاطه الاستخباراتي.
استطاع كوهين تكوين شبكة علاقات واسعة مع شخصيات سياسية وعسكرية في سوريا. وقد حضر اجتماعات مهمة، وشارك في مناسبات رسمية واجتماعية، ما ساعده على جمع معلومات عالية الحساسية تتعلق بالجيش السوري والتحصينات الدفاعية، خصوصًا في منطقة مرتفعات الجولان.
كان يستخدم جهاز إرسال لاسلكي داخل شقته لبث المعلومات مباشرة إلى تل أبيب. ومن أبرز ما يُنسب إليه من مساهمات، نقل معلومات ساعدت في رسم خريطة الدفاعات السورية في الجولان، والتي استخدمتها إسرائيل لاحقًا خلال حرب 1967.
في يناير 1965، نجحت المخابرات السورية، وبتقنيات ساعدت فيها خبرات سوفيتية، في تعقّب إشارات البث اللاسلكي المشفرة. تم اقتحام شقته والقبض عليه متلبسًا أثناء إرسال رسالة.
أُحيل إلى محاكمة عسكرية مغلقة، وصدرت بحقه عقوبة الإعدام. ورغم تدخلات دولية من الفاتيكان ودول أوروبية، نُفّذ الحكم في 18 مايو، بحضور جماهيري كبير.
ما بعد الإعدام
بعد عقود من إعدامه، ظل اسم إيلي كوهين حاضرًا في الذاكرة السياسية والإعلامية. في 2019، أعلنت إسرائيل استعادة ساعة يده، التي احتفظت بها سوريا منذ إعدامه. وفي 2024، أعلنت تل أبيب حصولها على أرشيفه الشخصي، الذي ضم وثائق ورسائل سرية ومذكرات من فترة عمله في دمشق.
حتى اليوم، لا يزال مكان دفنه مجهولًا، إذ ترفض سوريا إعادة رفاته رغم المطالبات الإسرائيلية المتكررة.
بين "خطر أمني" و"بطل قومي"
تختلف النظرة إلى إيلي كوهين باختلاف الجهة. ففي إسرائيل، يُعتبر بطلاً قوميًا وجزءًا من التاريخ الاستخباراتي للدولة. أما في سوريا، فتُعد قضيته واحدة من أخطر الاختراقات الأمنية في تاريخ البلاد، ولا تزال تُدرّس كحالة كلاسيكية في فنون التضليل والتجسس.