عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
جون ماينارد كينز.. الاقتصادي الذي أنقذ الرأسمالية من الانهيار
تقرير
الفلوس
أحمد والي
5/9/20251 دقيقة قراءة


في عالم الاقتصاد، نادرًا ما يُذكر اسم شخص ارتبطت أفكاره بمرحلة تاريخية كاملة كما هو الحال مع "جون ماينارد كينز"، فالرجل الذي وُلد في مدينة كامبريدج البريطانية عام 1883 لم يكن مجرد أكاديمي يدوّن نظرياته في هدوء المكاتب الجامعية، بل كان من القلائل الذين استطاعوا أن يُحدثوا تغييرًا جذريًا في طريقة تفكير العالم تجاه الاقتصاد، ودور الدولة، وآليات مواجهة الأزمات.
برز اسم كينز بشكل واسع بعد انهيار الاقتصاد العالمي في أعقاب الكساد الكبير عام 1929، حين تهاوت الأسواق والبنوك وارتفعت معدلات البطالة إلى مستويات غير مسبوقة.
وفي وقت كانت فيه المدرسة الكلاسيكية تهيمن على الفكر الاقتصادي، وتدّعي أن السوق قادر على تصحيح نفسه دون تدخل خارجي، جاء كينز بنظرية مضادة، تؤمن بأن الدولة لا يجب أن تقف مكتوفة الأيدي، بل أن تتدخل عبر الإنفاق العام لرفع معدلات الطلب وإنقاذ الاقتصاد من الركود.
وفي عام 1936، نشر كينز كتابه الأهم: "النظرية العامة للتوظيف والفائدة والنقود"، والذي تحول إلى مرجع عالمي لتفسير الأزمات الاقتصادية وتقديم حلول عملية لها.
دافع كينز فيه عن فكرة أن ضعف الطلب الكلي هو السبب الجوهري وراء الركود، وليس تقلبات الإنتاج أو تقاعس الأفراد، كما كان يُعتقد سابقًا، ومن هنا، دعا إلى تدخل حكومي مباشر لتحفيز الاقتصاد من خلال زيادة الإنفاق العام، حتى وإن اضطرّت الحكومات إلى الاستدانة.
لم تظل أفكار كينز حبيسة الكتب، بل طبّقتها الحكومات الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، فظهرت سياسات "دولة الرفاه" التي وفّرت التعليم والرعاية الصحية والدعم الاجتماعي باعتبارها أدوات اقتصادية إلى جانب كونها خدمات عامة، بل إن كينز نفسه شارك في صياغة مستقبل النظام المالي العالمي، عندما مثّل بريطانيا في مؤتمر بريتون وودز عام 1944، وهو المؤتمر الذي أسفر عن تأسيس صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهما من أهم المؤسسات الاقتصادية حتى اليوم.
ومع صعود الليبرالية الجديدة في الثمانينيات، بدأت أفكار كينز تفقد بريقها، لصالح نظريات أخرى ترى أن السوق أكثر فاعلية من الدولة، إلا أن الأزمات الكبرى ما لبثت أن أعادت نظرياته إلى الواجهة؛ فقد لجأت العديد من الحكومات إلى سياسات كينزية مرة أخرى أثناء الأزمة المالية العالمية عام 2008، وكذلك خلال جائحة كورونا، حيث تم ضخ تريليونات الدولارات في الأسواق لحماية الاقتصاد من الانهيار.
وتوفي جون ماينارد كينز عام 1946، لكنه ترك وراءه إرثًا لا يُنسى، وأثرًا واضحًا في كل سياسة مالية أو خطة إنعاش اقتصادي طُبّقت لاحقًا.