عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.

كيف جعلت السياسة نور الشريف فنانًا متمردًا

تقرير

المراية

ندى يونس

3/30/20251 دقيقة قراءة

ارتبط اسم الفنان نور الشريف بالفن الهادف والمواقف الجريئة؛ حيث لم يكن مجرد ممثل يؤدي أدوارًا سينمائية، بل كان فنانًا يحمل قضايا كبرى، ويستخدم السينما كمنصة للتعبير عن آرائه. ومن بين أبرز أعماله التي أثارت جدلًا واسعًا وجعلته في مواجهة مباشرة مع السلطة، كان فيلم الكرنك وفيلم ناجي العلي؛ حيث جسّد فيهما شخصيات تعكس الواقع السياسي المضطرب في مصر والعالم العربي. فكيف جعلت السياسة من نور الشريف فنانًا متمردًا؟

لم يكن نور الشريف ممثلًا تقليديًا يبحث عن الأدوار التجارية، بل كان يختار أعماله بناءً على قناعاته الفكرية والسياسية. نشأته في فترة مليئة بالتغيرات السياسية الكبرى في مصر جعلته يدرك أن للفن دورًا أبعد من الترفيه، بل يمكن أن يكون سلاحًا لكشف الحقائق والتأثير في المجتمع.

الكرنك.. عندما يُسجن الفكر وتُعذَّب الأحلام

يُعدّ فيلم الكرنك أحد أبرز الأعمال التي تناولت القمع السياسي في مصر خلال حقبة الستينيات، وهو مأخوذ عن رواية نجيب محفوظ التي تحمل الاسم نفسه. جسّد نور الشريف في الفيلم شخصية إسماعيل الشيخ، الطالب الجامعي الذي يتعرض للاعتقال والتعذيب بسبب آرائه السياسية.

لاقى الفيلم صدى واسعًا وأثار جدلًا كبيرًا؛ حيث سلّط الضوء على ممارسات الأجهزة الأمنية وانتهاكات حقوق الإنسان. لم يكن الكرنك مجرد عمل فني، بل كان صرخة ضد القمع، وهو ما جعله يتعرض لانتقادات من جهات رسمية، لكنه حظي بتأييد واسع من الجماهير والنقاد.

ناجي العلي.. مواجهة بالحبر والدم

بعد سنوات من النجاح الفني، قرر نور الشريف خوض تجربة أكثر جرأة؛ حيث قدّم شخصية ناجي العلي، رسام الكاريكاتير الفلسطيني الشهير الذي تم اغتياله بسبب رسوماته السياسية الجريئة. الفيلم لم يكن مجرد سيرة ذاتية، بل كان عملًا يكشف واقع القمع والتضييق على حرية التعبير في العالم العربي.

واجه نور الشريف بسبب هذا الفيلم حملات تشويه وتهديدات، وتم اتهامه بالخيانة لمجرد تقديمه لقضية تُعتبر حساسة سياسيًا. لم تقتصر الضغوط على النقد، بل وصل الأمر إلى تهميشه فنيًا لفترة؛ حيث ابتعد عن الساحة السينمائية لبعض الوقت بسبب تداعيات الفيلم.

دفع نور الشريف ثمن مواقفه الجريئة، لكنه لم يتراجع عن قناعاته. تعرّض للانتقادات والتهميش، لكنه ظل مؤمنًا بدور الفن في نقل الحقيقة وكشف المستور. لم يكن ممثلًا يبحث عن المجد الشخصي، بل كان فنانًا صاحب رسالة، وهو ما جعله يحظى باحترام الجمهور رغم الضغوط التي تعرّض لها.

لم تكن مسيرة نور الشريف مجرد سلسلة من النجاحات الفنية فقط، بل كانت رحلة مليئة بالتحديات والتمرد على الخطوط الحمراء. من الكرنك إلى ناجي العلي، أثبت أنه فنان يضع الفن في خدمة الحقيقة، حتى لو كان الثمن باهظًا. إرثه الفني لا يزال شاهدًا على جرأته، ورسالة لكل فنان بأن الفن الحقيقي لا يعرف الخوف.