عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
كيم جونغ أون من الداخل... البارانويا، القمع، والسلاح النووي
سلسلة تقارير : من كتب علم النفس .. حكايات الطغاة
باروميتر
دنيا عبدالفتاح
6/3/20251 دقيقة قراءة


في أبريل 2015، أصدر رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون أمرًا بإعدام وزير دفاعه هيون يونغ تشول باستخدام مدفع مضاد للطائرات، أمام مئات من الأشخاص في ميدان تدريب عسكري، عقابًا له على نومه خلال عرض عسكري رسمي، واصفًا ذلك بالعصيان وعدم الولاء.
"الولاء لا يكفي للبقاء حيًا"
لم تكن هذه الحالة سوى واحدة من مئات الحالات التي يُعتقد أن كيم أمر فيها بإعدامهم في ميدان عام.
فوفقًا لتقرير صادر عن "معهد الاستراتيجية الأمنية الوطنية" في كوريا الجنوبية، قام كيم بإعدام نحو 340 شخصًا خلال السنوات الخمس الأولى من حكمه، شملت قادة سياسيين وعسكريين ومسؤولين كبارًا.
ففي ديسمبر 2013، أمر كيم بإعدام عمه جانغ سونغ ثايك – الذي كان يُعتبر الرجل الثاني في النظام – بتهم الفساد والخيانة، في محاكمة تبعها إعدام علني، بدا كمحاولة لترهيب النخبة الحاكمة.
سلسلة هذه الإعدامات دفعت الباحث كريستيان باغاي للإشارة، في دراسة نُشرت على منصة Medium، إلى أن كيم يُظهر مستويات عالية من البارانويا، تتجلى في افتقاده للثقة، ورؤيته العدائية للعالم الخارجي، واعتقاده الدائم بوجود مؤامرات تستهدفه، وهو ما ينعكس في رؤيته المشوهة للواقع.
"صورة كيم في أعين خصومه"
يُعتبر كيم من أكثر الرؤساء غرابة وإثارة للجدل، وذلك بوصف حلفائه، فقد وصف الأدميرال الأمريكي صامويل لوكلير – القائد السابق لقوات المحيط الهادئ – سلوك كيم بأنه "غير عقلاني" و"لا يمكن التنبؤ به"، في ظل تهديداته المتكررة بشن هجمات نووية على كوريا الجنوبية والولايات المتحدة.
كما أشار تقرير نشرته صحيفة Washington Examiner إلى أن كيم يُظهر علامات على جنون الارتياب (البارانويا)، لا سيما فيما يتعلق بسلامته الشخصية، التقرير ألقى الضوء على زيارته الأخيرة إلى روسيا، حيث رافقه عدد كبير من الحراس الشخصيين وفرق الحماية، ما يعكس هوسًا واضحًا بالأمن والخوف من محاولات اغتيال محتملة.
"تكوين الديكتاتور: تربية خالية من الحنان ومليئة بالضغوط"
تشير دراسة منشورة على موقع Academia.edu، أعدها الباحث "كارتر ماثرلي"، إلى أن كيم جونغ أون يُظهر سمات شخصية نرجسية وسلوكيات متقلبة، مع ميول للغضب السريع والقرارات الاندفاعية، ويرى أن هذه السمات تُعزى إلى صراعات داخلية ناجمة عن تربيته وعلاقته بوالده كيم جونغ إيل.
كيم هو الابن الثاني من زوجة والده الثالثة "كو يونغ هي"، التي كانت راقصة، وقد نشأ في بيئة مغلقة داخل قصور الرئاسة، ووفقًا لشهادة كينجي فوجيموتو، الطاهي الشخصي السابق للعائلة، فقد كان كيم طفلًا وحيدًا، محاطًا بالامتيازات لكنه يفتقر إلى التواصل البشري والتفاعل الاجتماعي مع أقاربه.
وفي منتصف التسعينيات، أُرسل كيم إلى سويسرا تحت اسم مستعار، ليلتحق بمدرسة دولية بالقرب من برن، إلا أنه واجه عزلة اجتماعية، لأنه كان يعاني صعوبات في اللغة الألمانية، وكان يكبر زملاءه في الصف سنًا.
أما لي يونغ غوك، الحارس الشخصي السابق لكيم جونغ إيل، فقد صرّح بأن كيم "كان طفلًا سريع الغضب ويتصرف دون اعتبار للعواقب"، وهو ما فسّره عدد من المحللين السياسيين كنتاج لبيئة تربية صارمة ومتقلبة، تركت أثرًا نفسيًا عميقًا على شخصيته.
"من داخل القصر المُحاط بالخوف: سر بقاء نظام بيونغ يانغ"
أشارت تقارير إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) أعدّت ملفًا نفسيًا عن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، وصفته فيه بأنه يمتلك "أنا متضخّمة"، ويُظهر ردود فعل عدوانية تجاه أي انتقاد أو إهانة، هذه السمات، وفقًا للتقرير، قد تُفسر سلوكياته غير المتوقعة والعدوانية في كثير من المواقف.
هل راودك تساؤل: لماذا لم ينهار نظامٌ يقوده زعيم بهذه السمات؟
بحسب العديد من التحليلات السياسية، الإجابة تكمن في شبكة محكمة من آليات السيطرة.
فيعتمد النظام على جهاز أمني صارم يراقب المواطنين ويقمع أي بوادر تمرد أو اعتراض، هذا القمع الشامل يُبقي المجتمع في حالة من الخوف الدائم، وهو ما يُعزّز من استقرار النظام.
كما تخضع وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية داخل كوريا الشمالية إلى رقابة مشددة، تُقلل من تأثير المعلومات الخارجية وتُكرّس الرواية الرسمية للنظام، وبحسب آراء المحللين السياسيين، فإن ذلك يساهم في الحفاظ على الولاء الجماهيري.
وسياسة الترهيب هذه لا يعتمدها كيم داخليًا فقط، وإنما يستخدمها للحفاظ على الاستقرار الخارجي أيضًا، حيث يمتلك أسلحة نووية تُشكّل عامل ردع قوي ضد التدخلات الخارجية وتعزز من استقرار النظام.
فهل يكفي الخوف والدعاية والسلاح لبقاء نظام كيم؟