عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
لام شمسية... من دراما الشاشة إلى فاجعة الواقع
مقال
خط النار
أحمد عبدالرؤوف
4/30/2025


منذ أسابيع قليلة، شاهدنا المسلسل الرائع "لام شمسية"، الذي سلّط الضوء بجرأة وصدق على واحدة من القضايا المسكوت عنها في مجتمعاتنا، وهي التحرش الجسدي بالأطفال، كنا نظنه مجرد عمل درامي، مؤلمٌ نعم، لكنه من قبيل الخيال، لم نكن نعلم أننا، بعد فترة قصيرة، سنصطدم بـ"لام شمسية" من لحم ودم، وبطفلٍ اسمه "ياسين" تُغتَصَب براءته أمام أعيننا، ويُعاد مشهد الألم، لا على الشاشة هذه المرة، بل في المحكمة.
علي البيلي... الطفل الذي صرخ نيابةً عن آلاف
في المسلسل، قدّم الطفل "علي البيلي" أداءً مبهرًا لشخصية الطفل المُعتدَى عليه، لم يكن تمثيلًا، بل كان مرآة، كشف لنا بصمته المرتعش، ونظراته الخائفة، عن عالمٍ خفي لم نرغب في الاقتراب منه، مؤلمٌ أن يُتقن طفلٌ صغير التعبير عن هذا الكم من الألم، لكنه نجح، وربما ساهم في جعل "ياسين" اليوم أكثر صدىً وحديثًا، لا مجرد رقم في نشرة أخبار.
"ياسين"... الجريمة الحقيقية
ياسين، الذي لم يتجاوز السبع سنوات، لم يسقط فقط ضحية "الذئب"، بل خذله من حوله: مُدرّسته، مديرة المدرسة، وحتى مَن يُفترض أنهم يحمونه، تركوه فريسة، ثم هددوه بالصمت: "إن تكلّمت، سنؤذي والديك!"، أيُّ بشاعةٍ تلك التي تُهدد البراءة بسكين الخوف، وتكتم صرخة لا تجد مَن يسمعها؟ وأيُّ مدرسةٍ وأيُّ بشرٍ هؤلاء؟ قلوبٌ مريضة، وعقولٌ تحتاج إلى التربية!
تكرار الفاجعة... مَن يُغلق هذا الباب؟
ما جرى لياسين لم يكن الأول من نوعه، ولن يكون الأخير إن استمر هذا الصمت، تذكروا "طفلة المعادي" التي التقطتها كاميرا مراقبة وهي تتعرض للتحرش في مدخل عمارة، تذكروا الطفلة "جنة" التي ماتت على يد جدتها بعد تعذيبٍ وحشي، تذكروا ضحايا المدارس والحضانات التي لم تكن سوى واجهاتٍ مزيفة لحماية الأطفال، قصصٌ كثيرة لا تصل إلى الإعلام، وأرواحٌ صغيرة تُكسَر بصمت، في بيوتٍ، ومدارس، ومؤسسات يُفترض أنها آمنة، متى نُعلن حالة طوارئ حقيقية لحماية أطفالنا؟ ومتى نقف وقفةَ حقٍّ في وجه الباطل؟
ليس فقط العقوبة... بل وقوفٌ وتدبّر
يجب أن يُحاكم الجاني بأقصى درجات العقاب، بلا ترددٍ أو شفقة، لكن الأمر لا ينتهي هنا، يجب أن نُعيد النظر في علاقتنا بأطفالنا، أن نعلّمهم أن أجسادهم ملكهم وحدهم، وأن لهم الحق في الرفض، في السؤال، في الكلام، لا يكفي أن نُحبهم، بل علينا أن نحميهم بالمعرفة، بالثقة، بالمتابعة، أن نُصاحبهم، وأن نُعطيهم الثقة، كلّ الثقة، في أن يحكوا ما يجري لهم خارج المنزل.
نحتاج إلى ثقافة تُعلي من كرامة الطفل، لا فقط في الأعمال الدرامية، بل في البيوت، والمدارس، والشوارع،
لأننا إن لم نفعل، فسيتحوّل "لام شمسية" من مسلسلٍ إلى واقعٍ يومي، ولن يكفي البكاء أو العويل وقتها، يجب الوقوف في وجه هذا المجتمع الذي أصبح بيتًا للمرضى النفسيين من كل نوع.