عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.

من الدعوة إلى الهيمنة: كيف شق حسن البنا طريق الإسلام السياسي؟

تقرير

محمد علاء

5/27/20251 دقيقة قراءة

في مطلع القرن العشرين، وفي ظل تحولات سياسية واجتماعية عميقة شهدتها مصر والعالم الإسلامي، بزغ نجم شخصية تركت بصمة واضحة المعالم على مسار الحركات الإسلامية المعاصرة. إنه حسن أحمد عبد الرحمن محمد البنا، المعروف اختصارًا بـ"حسن البنا" (1906-1949)، المعلم الذي تحول إلى مُنظِّر وقائد لحركة الإخوان المسلمين، التي أحدثت تأثيرًا هائلاً ولا تزال تثير جدلاً واسعًا حتى يومنا هذا.

النشأة والتكوين:

وُلد حسن البنا في 14 أكتوبر 1906 في قرية المحمودية بمحافظة البحيرة في مصر. نشأ في بيئة دينية محافظة، تلقى البنا تعليما دينيا تقليديا في صغره، ثم التحق بمدرسة المعلمين الأولية في دمنهور، وتخرج منها عام 1927. خلال فترة دراسته، أظهر البنا شغفًا بالدعوة والإصلاح، وتأثر بشخصيات دينية واجتماعية بارزة في عصره.

تأسيس جماعة الإخوان المسلمين:

بعد تخرجه من كلية دار العلوم عام 1927، تم تعيينه مدرسًا في مدينة الإسماعيلية، وفي عام 1928، وفي مدينة الإسماعيلية، أسس حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين. كانت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية في مصر، بالإضافة إلى حالة الاستياء من التدخل الأجنبي وتراجع القيم الإسلامية في نظر البنا، من الدوافع الرئيسية لتأسيس الجماعة. تبنت الجماعة في بدايتها العمل الدعوي والاجتماعي، وسعت إلى نشر الوعي الديني وتقديم الخدمات للمجتمع.

توسع الحركة وتأثيرها:

انتشرت دعوة الإخوان المسلمين بسرعة في مختلف أنحاء مصر، وجذبت إليها أعدادًا متزايدة من الشباب والعمال والمثقفين. تميزت الحركة بتنظيمها القوي وشبكتها الواسعة من الفروع والمؤسسات الاجتماعية والتعليمية. لعبت الجماعة دورًا مهمًا في الحياة السياسية والاجتماعية في مصر، وشاركت في العديد من الأحداث الوطنية.

استغلال الدين لتحقيق مصالح سياسية:

يُعتبر حسن البنا من أبرز الشخصيات التي استغلت الدين لتحقيق مصالح سياسية، حيث تحولت جماعة الإخوان المسلمين تحت قيادته إلى كيان سياسي يسعى إلى النفوذ والهيمنة، متجاوزة حدود العمل الدعوي والاجتماعي. هذه الاستراتيجية جعلت الجماعة في قلب صراعات سياسية حادة، وأثارت جدلاً واسعًا حول مدى استخدام الدين كأداة في السياسة لتحقيق أهداف غير دينية بالأساس.

الصدام مع السلطة والنهاية الغامضة:

مع تزايد نفوذ جماعة الإخوان المسلمين، بدأت العلاقة بينها وبين السلطات المصرية تتدهور. وفي عام 1948، تم حل الجماعة واعتقال العديد من قياداتها وأعضائها. وفي فبراير عام 1949، اغتيل حسن البنا في ظروف غامضة، تاركًا وراءه إرثًا فكريًا وتنظيميًا ما زال يؤثر في الحركات الإسلامية حتى اليوم.

إرث معقد وتأثير مستمر:

يبقى حسن البنا شخصية محورية في تاريخ الحركات الإسلامية الحديثة. لقد استطاع، من خلال رؤيته وأفكاره وتنظيمه المحكم، أن يؤسس حركة ذات تأثير عالمي واسع النطاق. وبينما يرى البعض فيه مصلحًا دينيًا واجتماعيًا، ينتقده آخرون بسبب منهجه وأفكاره التي يعتبرونها أساسًا للعنف والتطرف. بغض النظر عن التقييمات المختلفة، لا يمكن إنكار الدور التاريخي الهام الذي لعبه حسن البنا في تشكيل المشهد السياسي والاجتماعي في العالم الإسلامي خلال القرن العشرين وما تلاه. إن دراسة حياته وفكره تظل ضرورية لفهم تطور الحركات الإسلامية المعاصرة وتعقيداتها.