عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
من "باب الحديد" إلى "هي فوضى؟".. رحلة تحدي يوسف شاهين ضد الرقابة
سلسلة تقارير : فنانون في مواجهة الرقابة
خط النار
ندى محمد
5/21/20251 دقيقة قراءة


يوسف شاهين، واحد من أعظم مخرجي السينما المصرية، لم يكن فقط فنانًا مبدعًا بل أيضًا صوتًا جريئًا يعبر عن قضايا وطنه بكل صراحة وجرأة، وعلى مدار مسيرته، واجه شاهين رقابة مشددة وقيودًا فرضتها السلطات بسبب موضوعات أفلامه التي تنتقد السلطة والفساد، وتكشف عن واقع اجتماعي وسياسي معقد.
فيلمه الأخير "هي فوضى؟" يُعد نموذجًا صارخًا لتلك المواجهة بين الفن والرقابة، حيث حاول شاهين من خلاله فضح تجاوزات السلطة في مصر، رغم المحاولات المتكررة لمنع عرضه ومنع حريته في التعبير، ولم يكن "هي فوضى؟" الفيلم الوحيد الذي واجه الرقابة، بل كانت هذه المواجهة مستمرة منذ أعماله الأولى مثل "باب الحديد" و"العصفور" وصولًا إلى هذا الفيلم.
"هي فوضى؟".. فيلم شاهين في مواجهة الرقابة
وكان آخر أفلام يوسف شاهين، هو فيلم "هي فوضى"، الذي تناول شكل السلطة وتجاوزاتها في مصر في عام 2007، وخلال عرضه على الرقابة، قوبل الفيلم بالرفض بسبب جرأة موضوعه، ولكن هددهم يوسف شاهين، بحسب تصريحات الناقد طارق الشناوي الصحفية، قائلاً: "شاهين هدد أن يقوم بربط نفسه في عمود أمام مجلس الشعب إذا لم يتم الموافقة على سيناريو الفيلم، لذا رضخت الرقابة ليوسف شاهين ووافقت على الفيلم بالرغم من جرأته".
لتقرر الرقابة رفض الفيلم مرة أخرى بسبب اسمه، معترضين على إثباته لوجود فوضى في البلاد، لكن استطاع شاهين إقناعهم بوضع علامة استفهام بعد الاسم "هي فوضى؟" ليصبح سؤالاً وليس حقيقة، لكن وقت عرض العمل يظهر في المشهد الأول من الفيلم اسمه الحقيقي بدون علامة استفهام "هي فوضى".
في ندوة "هي فوضى؟"... السينما تفضح قمع الأجهزة الأمنية
في ندوة أقيمت بعد عرض فيلمه "هي فوضى؟" ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائي، فجر المخرج المصري يوسف شاهين تصريحات حادة حول الواقع السياسي في مصر، مؤكداً أن "السلطة في يد من يعتقدون أنهم مختارون من الله، ويحمون أنفسهم بالعنف المسلح، دون احترام للقانون، خلف ستار ديمقراطية زائفة".
وفي تصريحات نقلتها صحيفة «لاريبوبليكا» الإيطالية، قال شاهين: "الفوضى فكرة عالمية، ومن الأفضل أن نقرع الطبول بدلًا من توجيه اللكمات للآخرين".
وأكد شاهين أن الادعاء بكون مصر دولة ديمقراطية غير دقيق، قائلًا: "يكفي زيارة أي قسم شرطة أو مشاهدة تعامل الأمن مع المظاهرات لندرك الحقيقة". وأضاف أن فيلمه موجّه إلى "كل المواطنين، وخاصة أولئك المستسلمين للبؤس"، معتبرًا أن "النساء أكثر شجاعة في مقاومة قمع الشرطة، وقد حظين بنصيب كبير من الضرب، فهن لا يقبلن الظلم مثل الرجال، بل إن أعظم المناضلين في رأيي كن نساء"، مشيرًا إلى أن مشهد اغتصاب المرأة في الفيلم يرمز إلى انتهاك السلطة لحقوق المرأة وكرامتها، مختتمًا بتأكيد أن رسالته السينمائية كانت دائمًا في صف المظلومين.
"باب الحديد".. فيلم أغضب السلطة وأدهش العالم
لم يكن "هي فوضى" أول أفلام يوسف شاهين التي واجهت الرقابة، كان هناك العديد من الأعمال له واجهتها سابقًا، منها فيلم "باب الحديد".
واجه يوسف شاهين صدامًا مبكرًا مع الرقابة عند محاولته إخراج فيلمه "باب الحديد"، حيث رفضت الجهات الأمنية التصريح بالتصوير في البداية، استنادًا إلى "أسباب سياسية عليا"، بحسب ما ورد في كتاب "مائة عام من الرقابة على السينما المصرية" للباحث محمود علي.
ووفقًا لما وثقه الكتاب، فإن السبب وراء المنع هو التوتر السياسي بين السلطة والطبقة العاملة وقتها، وذلك بعد إعدام ثلاثة من عمال كفر الدوار في مطلع الثورة، مما جعل الأعمال السينمائية التي تتناول الطبقة العاملة في محل حساسية شديدة.
وفي عام 1958، حصل الفيلم على الموافقة وتم عرض العمل على الرغم من الاعتراضات، ولكن رغم موافقة الرقابة، قوبل برفض شعبي واسع في مصر، مما سبب إخفاقه التجاري، وتعرض أبطاله للهجوم من الجمهور، ووصلت ردود الفعل إلى تحطيم مقاعد دور العرض، ولكن لقى الفيلم احتفاءً دوليًا لافتًا بعد عرضه في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي.
"العصفور".. صدمة النكسة تصطدم بالرقابة
فيلم "العصفور" من أشهر أفلام يوسف شاهين التي واجهت الرقابة، وذلك بسبب تجسيده لصدمة نكسة يونيو 1967 واحتدام رغبة الشعب في استعادة الأرض بالقوة، لكنه قوبل بالرفض الشديد من الرقابة لتناول العمل انتقادات مباشرة لثورة يوليو 1952 ونظامها ورموزها، واعتبرته غير ملائم للأوضاع السياسية الحساسة للبلاد في وقتها.
ولم تسمح بعرض الفيلم إلا في أغسطس 1974، بعد نصر أكتوبر 1973، لتصبح أغنية الفيلم "راجعين في إيدنا سلاح" رمزًا للحماس الوطني، ويتم إذاعتها دائمًا في ذكرى حرب أكتوبر.
وبحسب برنامج "خارج النص" على قناة الجزيرة، كان وزير الثقافة يوسف السباعي وراء قرار المنع، حيث هدد بحرق نسخة الفيلم الأولى، واتُهم صناع العمل بتلقي دعم خارجي بسبب الإنتاج المشترك مع الجزائر.