عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.

من كينيدي إلى ترامب: كيف أعادت الدبلوماسية الأمريكية رسم خريطة العالم

تقرير

باروميتر

منى حامد

5/16/2025

في عام 2025، أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب التمركز الأميركي في الشرق الأوسط من بوابة الاقتصاد والدفاع، فخلال أولى جولاته الخارجية بعد عودته إلى البيت الأبيض التي شملت السعودية وقطر والإمارات، أعلنت الرياض عن شراكات استراتيجية بقيمة 600 مليار دولار، تضم استثمارات في الذكاء الاصطناعي والدفاع والبنية التحتية، في حضور قادة تقنيين عالميين مثل إيلون ماسك وسام ألتمان، كما تم توقيع صفقة دفاعية ضخمة بقيمة 142 مليار دولار، في حين استثمرت شركة DataVolt السعودية نحو 20 مليار دولار في مراكز بيانات داخل الأراضي الأميركية.

وقد التقى ترامب في الرياض بالرئيس السوري الجديد أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني سابقًا) بعد الإطاحة بنظام الأسد، معلنًا عن رفع العقوبات عن سوريا في خطوة رآها البعض مغامرة سياسية محفوفة بالمخاطر.

وفي قطر، أجرى محادثات أمنية مع قادة مجلس التعاون الخليجي، وتسلم ترامب هدية عبارة عن طائرة بوينغ 747-8، ما أثار نقاشات أخلاقية في الأوساط السياسية الأميركية.

على مدى العقدين الماضيين، لعبت الزيارات الرئاسية الأميركية دورًا محوريًا في إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي، فقد كانت جولات الرئيس جو بايدن تركّز على استعادة التحالفات وتثبيت الحضور الأميركي في النظام الدولي، حيث بدأ بايدن جولاته بقمة مجموعة السبع في بريطانيا (2021)، ثم حضر قمة الناتو في بروكسل، وتابع بلقاء مع بوتين في جنيف، وفي 2022 زار الشرق الأوسط، وفي 2023 قام بزيارة غير معلنة إلى كييف دعمًا لأوكرانيا، ثم شارك في قمة العشرين في الهند، وزار فيتنام حيث رفع مستوى العلاقات إلى "شراكة استراتيجية شاملة".

في عام 2009، أطلق الرئيس باراك أوباما ما عُرف بـ"دبلوماسية الانفتاح"، معززًا شراكات تجارية في جنوب شرق آسيا، وناشطًا في ملف المناخ من خلال اتفاق باريس (2015)، حيث التزمت واشنطن بدعم مشاريع الطاقة المتجددة في الدول النامية بثلاثة مليارات دولار، كما أنهى عزلة كوبا بزيارة تاريخية لهافانا عام 2016، ورفع اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مما فتح الباب أمام استثمارات أميركية في الاتصالات والسياحة.

قبل أوباما، أعاد الرئيس بيل كلينتون صياغة السياسة الخارجية لتكون أداة للسلام والتنمية، فقد قاد اتفاقيات أوسلو ووادي عربة في التسعينيات، وأتبعهما بخطط تنموية لدعم الفلسطينيين، وفي عام 2000 زار فيتنام في أول زيارة من نوعها منذ نهاية الحرب، مؤسسًا لعلاقات تجارية رفعت الاستثمارات الأميركية في البلاد بنسبة 40% خلال عامين، كما دعم اتفاق "الجمعة العظيمة" في أيرلندا الشمالية، محولًا الإقليم من بؤرة صراع إلى مركز جذب اقتصادي.

في فبراير 1972، قام الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون بزيارة تاريخية إلى جمهورية الصين الشعبية، والتقى بالزعيم ماو تسي تونغ ورئيس الوزراء تشو إن لاي، في أول خطوة دبلوماسية من نوعها بين البلدين بعد أكثر من عشرين عامًا من القطيعة، وقد توّجت الزيارة جهودًا سرية ومهّدت لما يُعرف لاحقًا بـ"سياسة الصين الواحدة"، من خلال "بيان شنغهاي" الذي أقرّ بأن تايوان جزء من الصين، مقابل التزام صيني بحل النزاع بشكل سلمي.

أما الرئيس جون كينيدي، فكان وجه الدبلوماسية الأميركية في ذروة الحرب الباردة، ففي زيارته التاريخية لبرلين الغربية عام 1963، أطلق خطابه الشهير "أنا برليني"، مؤكدًا التزام واشنطن بحماية أوروبا الغربية دون تصعيد عسكري مباشر، تلك الزيارة التي تبعت أزمة الصواريخ الكوبية وقمة فيينا، أرست الأساس لدور أميركي اقتصادي وتقني في أوروبا، تجلى في مبادرات كبرى كبرنامج أبولو الفضائي.

من كينيدي إلى ترامب، اتخذت الدبلوماسية الأميركية أشكالًا متعددة، من خطاب المقاومة إلى لغة السوق، ومن التحالفات العسكرية إلى الشراكات البيئية والتكنولوجية، لكن الثابت الوحيد هو قدرتها على إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي كلما تغيّرت النبرة في البيت الأبيض.