عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.

ناجي العلي: الفنان الذي جعل من "حنظلة" صوتًا لفلسطين

تقرير

المراية

منى حامد

3/24/20251 دقيقة قراءة

"اللي بدو يكتب لفلسطين، واللي بدو يرسم لفلسطين، بدو يعرف حالو: ميت."

بهذه الكلمات لخص ناجي العلي، الفنان الفلسطيني الأسطوري، إحساسه بالانتماء إلى قضية شعبه. ناجي، الذي ولد في قرية الشجرة بفلسطين عام 1938، عاش طفولته في ظل النكبة الفلسطينية عام 1948، عندما هُجّر مع عائلته إلى مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان. هناك، في خيمة لا تتجاوز مساحتها عشرة أمتار مربعة، بدأت موهبته الفنية تتفتح.

من مخيم اللاجئين إلى عالم الفن

بعد إنهاء تعليمه الابتدائي في مدرسة "اتحاد الكنائس المسيحية"، عمل ناجي في قطاف الحمضيات والزيتون قبل أن ينتقل إلى طرابلس ليتعلم ميكانيك السيارات. في عام 1953، حصل على دبلوم في الميكانيك، وعمل في ورش صناعية في بيروت. ثم سافر إلى السعودية عام 1957، حيث عمل ميكانيكيًا وواصل الرسم في أوقات فراغه. بفضل مدخراته، بنى غرفة لعائلته في المخيم، لتحل محل الخيمة التي عاشوا فيها سنوات.

بداية المشوار الفني

في عام 1959، التحق ناجي بالأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة، لكن نشاطه السياسي مع "حركة القوميين العرب" أدى إلى اعتقاله عدة مرات، مما منعه من إكمال دراسته. ومع ذلك، وجد عملاً في تعليم الرسم للأطفال في المدرسة الجعفرية بصور. في عام 1962، نشر الأديب غسان كنفاني أولى لوحات ناجي في مجلة "الحرية"، مما فتح له أبواب الشهرة.

"حنظلة": رمز الطفل الفلسطيني

في رسوماته، ابتكر ناجي شخصية "حنظلة"، الطفل الفلسطيني ذو العشر سنوات، الذي ظهر دائمًا ملتفتًا بظهره إلى المشاهد، كرمز للرفض والصمود. قال ناجي عن حنظلة: "هو رمز لطفولتي. أنا تركت فلسطين في هذا السن، وما زلت فيه." حنظلة لم يكبر أبدًا، لأنه لن يكبر حتى تعود فلسطين.

بين الكويت ولبنان

في عام 1963، سافر ناجي إلى الكويت للعمل في مجلة "الطليعة"، حيث نشر رسوماته الكاريكاتيرية التي انتقدت الاحتلال الإسرائيلي ودعمت الكفاح المسلح. بعد عودته إلى لبنان، تزوج من وداد نصر، ثم عاد إلى الكويت ليعمل في صحيفة "القبس". في عام 1985، انتقل إلى لندن للعمل في النسخة الدولية من "القبس"، حيث واصل نضاله الفني حتى آخر يوم في حياته.

الاغتيال: نهاية مأساوية

في 22 يوليو 1987، بينما كان ناجي في طريقه إلى مقر جريدة "القبس" في لندن، أطلق قاتل مجهول النار عليه من مسافة قريبة. نقل ناجي إلى المستشفى، حيث قضى خمسة أسابيع في غيبوبة قبل أن يفارق الحياة في 29 أغسطس 1987. دفن في مقبرة "بروك وود" الإسلامية في لندن، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا وسياسيًا لا ينسى.

إرث ناجي العلي

أنتج ناجي أكثر من 40 ألف عمل فني، وعُرضت رسوماته في عواصم عالمية مثل بيروت ودمشق وعمان والكويت ولندن وواشنطن. شخصية "حنظلة" لا تزال حتى اليوم رمزًا للصمود الفلسطيني، وتذكيرًا بأن الفن يمكن أن يكون سلاحًا في وجه الظلم.

رحل ناجي العلي عن عالمنا، لكن بقيت رسومه وأعماله شاهدة حية. لم يغب اسمه عن الذاكرة، بل يعود للظهور مع كل انتفاضة وكل اعتداء على الشعب الفلسطيني. ففي إيطاليا، طلبت دار نشر "إيريس إديزيوني" مساهمات من فنانين لإعادة تصور حنظلة، وأصدرت ملصقًا كُتب عليه: "بلا أعلام، متحدون من أجل حنظلة / نطالب بوقف فوري لإطلاق النار."

هذا الحضور المستمر لذكرى حنظلة يؤكد أن ناجي العلي لم يكن مجرد رسام، بل كان صاحب قضية، وفنه لا يزال صوتًا يتردد رغم رحيله.