عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.

طه حسين والأزهر.. صراع الفكر والتقليد

تقرير

خط النار

إحسان أسامة

3/23/20251 دقيقة قراءة

الأزهر الشريف، المؤسسة الدينية الأبرز في العالم الإسلامي، حيث يُعتبر مصدرًا للعلم والفكر والثقافة الإسلامية منذ أكثر من ألف عام. هو المكان الذي يلتقي فيه العلماء والفقهاء من جميع أنحاء العالم الإسلامي لمناقشة القضايا الدينية والفكرية.

ومع ذلك، في بداية القرن العشرين، دخل الأزهر في صراع مع أحد أبرز المفكرين المصريين، طه حسين. كان هذا الصراع نتيجة لآرائه الفكرية والثقافية، التي اعتبرها البعض تحديًا للقيم الدينية التقليدية.

الصراع بين طه حسين والأزهر كان له تأثير كبير على الحياة الفكرية والثقافية في مصر، ويُعتبر أحد أهم الأحداث في تاريخ الفكر المصري الحديث.

منذ أن التحق طه حسين بالأزهر الشريف، وهو على خلاف دائم معه، سواء عن قصد أو بسبب سوء الفهم. الطفل الذي جاء من بلدته الصغيرة قاصدًا العلم ليصبح مثل أخيه، كان يحمل في مخيلته أحلامًا حول كل زاوية من زوايا الأزهر الشريف وكبار مشايخه. جاء قاصدًا الأزهر لدراسة العلوم الدينية واللغة العربية، ومع ذلك، سرعان ما بدأ يشعر بخيبة أمل من المنهج التقليدي الذي كان يتبعه الأزهر، والذي كان يعتمد على الحفظ والتلقين دون تشجيع التفكير النقدي أو الإبداعي.

فعلى امتداد عقود طويلة، ساد التوتر والصراع أجواء العلاقة بين طه حسين ومؤسسة الأزهر. بدأ طه حسين حياته بالتمرد على شيوخ الأزهر وعلى مناهج التعليم فيه، وبعد سنوات من التوتر، غادر الأزهر ذاهبًا إلى الجامعة المصرية عام 1908، حيث درس فيها وحصل منها على أول دكتوراه تمنحها الجامعة عن "تجديد ذكرى أبي العلاء"، ثم سافر إلى فرنسا عام 1914.

بعد أن سافر طه حسين إلى فرنسا لاستكمال دراسته، تأثر بالمناهج التعليمية الغربية التي كانت تعتمد على التفكير النقدي والتحليل. وبعد عودته إلى مصر، بدأ ينتقد بشدة المناهج التقليدية التي كان يتبعها الأزهر، ووصفها بالجمود وعدم مواكبة العصر. كما وصف في كتابه "الأيام" تجربته في الأزهر بأنها كانت مليئة بالصعوبات والإحباطات بسبب الجمود الفكري الذي واجهه.

ولكن الصراع بين طه حسين والأزهر لم يتوقف عند هذا الحد، بل ازداد الخلاف بينهما بعد صدور كتابه الشهير "في الشعر الجاهلي" عام 1926. في هذا الكتاب، طرح طه حسين أفكارًا مثيرة للجدل، حيث شكك في صحة بعض النصوص الشعرية المنسوبة إلى العصر الجاهلي، واعتمد على المنهج التاريخي النقدي في تحليلها.

هذه الأفكار أثارت غضب العديد من علماء الأزهر، الذين رأوا فيها مساسًا بالتراث الإسلامي والعربي، واتهموه بالكفر والخروج على الدين. بعد نشر الكتاب، تعرض طه حسين لهجوم شديد من قبل بعض علماء الأزهر، الذين قدموا شكوى ضده إلى النيابة. تم سحب الكتاب من الأسواق لفترة، وواجه طه حسين ضغوطًا كبيرة، لكن رغم ذلك، دافع عن أفكاره، مؤكدًا أن هدفه كان البحث العلمي وليس المساس بالدين أو التراث.

ولكن في منتصف الثلاثينيات، وفي ظل وجود الشيخ المراغي في رئاسة مشيخة الأزهر، بدأ زمن الوفاق بين طه حسين والأزهر. حيث دعته مجلة الأزهر إلى أن يكتب فيها عن ميلاد الرسول ﷺ، واستجاب طه حسين لهذه الدعوة. ومن هنا، بدأت لهجته تتغير في حديثه عن الأزهر.

كما أن كتابات الدكتور طه حسين المتعلقة بالتاريخ الإسلامي ورجاله تُعد من أبرز المراجع التي يعود إليها القراء والباحثون على السواء.

الصراع بين طه حسين والأزهر يظل شاهدًا على أهمية الحرية الفكرية والبحث عن الحقيقة. هذا الصراع يُظهر لنا أن الفكر والدين قد يتعارضان، لكن هذا لا يعني أننا يجب أن نختار بينهما. يجب أن نتعلم كيف نجمع بين الفكر والدين، وكيف نستفيد من كليهما لتحقيق حياة أفضل. في النهاية، يبقى طه حسين رائدًا للفكر الحديث، ويبقى الصراع مع الأزهر جزءًا من تاريخه.