عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
تلفيق أم حقيقة.. سميرة المليان وقضية مخلة بالشرف في حياة بليغ حمدي
وجه آخر
ندى محمد
3/13/20251 دقيقة قراءة


عاش الملحن بليغ حمدي بين ألحانه التي عبّرت عن مشاعر الأجيال، وبين القضايا التي أثارت الجدل في حياته، حيث هزت قضيته الشهيرة الوسط الفني بأسره، وذلك بعد العثور على جثة فنانة مغربية صاعدة أسفل العقار الذي كان يقيم فيه. لتبدأ بعدها سلسلة من التحقيقات التي ألقت بظلالها على حياته، ووجهت له العديد من التهم، وأشهرها تسهيل الدعارة والفجور. ومع تصاعد الأحداث، اختار بليغ الهروب إلى فرنسا، ليُكمل فصلًا من حياته في الغربة بعيدًا عن الأضواء.
وكثرت الأقاويل حول علاقته بالمطربة الصاعدة سميرة المليان، بعدما اتضح أنها كانت في الحفلة التي أقامها، وكان معهم رجل الأعمال السعودي عبدالمجيد تودري، حيث قال البعض: "كيف يدخل بليغ إلى النوم وهو من أقام الحفل وترك ضيوفه بمفردهم؟" بينما رأى البعض الآخر أنه لا يوجد علاقة بين بليغ وسميرة، وأنه كان سيقوم بتلحين بعض الأغاني لها بناءً على طلب عبدالمجيد تودري، وأنه في يوم الحفل دخل لينام وترك الاثنين معًا.
اكتشاف الجريمة
دخلت صباح الطباخة إلى بليغ لتوقظه من نومه، وأخبرته أن المغربية سميرة المليان، والتي كانت في إحدى الغرف مع عبدالمجيد، قد تعرضت للضرب ولفظت أنفاسها الأخيرة. ليشعر بليغ بالصدمة، ويخرج مسرعًا إلى عبدالمجيد.
"يحاول بليغ إخراج صديقه الخليجي من هذه الورطة، ليتصل بصديقه اللواء مصطفى الصباحي، والذي كان من أصدقائه المقربين، وطلب منه أن يتصل بالشرطة للإبلاغ عن واقعة الانتحار ويحضر معه الإجراءات والتحقيقات. ولكن أخبره اللواء أن يؤجل البلاغ حتى يعاين مسرح الجريمة، فلربما يكون هناك ما يدينه."
إخفاء الحقائق
"يقوم اللواء بلف جثمان سميرة في بطانية بعد تجريدها من ملابسها، ثم وضعها في الأسانسير الموصل إلى جراج العمارة، ليلقيها أمام شرفة بليغ الخلفية، لإقناع الشرطة أنها انتحرت. وبعدها هرب عبدالمجيد وسافر إلى قبرص، بعد أن دفع ١٠٠ ألف دولار مكافأة لمن أنقذه من الورطة."
"وبعد ساعات من الواقعة، قام بليغ بإبلاغ الشرطة، ونظرًا للتأخير الذي بدا لجهات التحقيق أنه متعمد، استُخدم هذا التأخير ضده."
توريط بليغ
"وبعد الكثير من التحقيقات، أصدرت النيابة في تقريرها يوم ٢٢ أغسطس ١٩٨٥ أن الحادث يُعد انتحارًا وليس فيه شبهة جنائية، وتم حفظ القضية. ولكن كانت المفاجأة بالنسبة لـ بليغ هي إعادة فتح القضية بعد أسابيع من غلقها، وذلك عن طريق حملات كان المقصود بها شقيقه د. مرسي سعدالدين، الكاتب والدبلوماسي ورئيس هيئة الاستعلامات والمتحدث باسم الرئيس السادات. وكانت هذه الحملات ترتكز على الطعن في بليغ أخلاقيًا واتهامه بالانفلات والاستهتار، وذلك لإخراج شقيقه من دائرة الترشيح الوزاري."
"كما كان هناك تحريض داخلي خفي ضد بليغ لكي يختفي من مشهده الغنائي، بعد أن تربع على عرش التلحين في وقت توارى فيه عبدالوهاب واعتزل كمال الطويل، أقوى منافسيه."
شهادة صباح والطعن في أخلاق بليغ
"وفي التحقيقات، قام رئيس النيابة بسؤال الخادمة صباح: «عندما دخل عبدالمجيد تودري وسميرة المليان حجرة الضيوف بعد انتهاء السهرة، هل كان باب الغرفة مغلقًا عليهما أم مفتوحًا؟ وفي حالة كونه مفتوحًا، ما الذي شاهدته داخلها؟»"
"لتجيب صباح أن الباب كان مغلقًا، لتتخذ المحكمة هذه الإجابة لتوجيه تهم على بليغ، وأشهرها «تسهيل الفجور»، وكان قرار المحكمة هو حبس بليغ لمدة سنة ووضعه تحت المراقبة لسنة أخرى."
غربة إجبارية
"وقبل ساعات من جلسة الاستئناف، تلقى بليغ من نانو الحكيم، والتي تكون شقيقة صديقه الإذاعي، دعوة لقضاء سهرة ليلية. ليذهب بليغ ويجد ضمن السهرة المطرب ماهر العطار والصحفي عصام بصيلة، والفنانة مها صبري بصحبتها شخصية نافذة، التي أخبرته أنه يجب أن يترك مصر ويغادرها فورًا، لأن حكم المحكمة المنتظر لن يكون في صالحه."
"وتلقى بليغ النصيحة بجدية شديدة، وخلال ساعات كان على متن أول طائرة مغادرة إلى باريس."
رحلة بليغ في باريس
"وقال محسن خطاب، رفيق بليغ في التغريبة التي كُتبت عليه منذ ذلك اليوم: «فوجئت باتصال من القاهرة يطلب مني أن أنتظر الأستاذ بليغ في مطار شارل ديغول، وحدّد لي المتصل رقم الرحلة وموعد الوصول. وبالفعل استقبلته في المطار، ولم يكن معه سوى شنطة سفر في يده وشنطة (هاندباج) صغيرة على كتفه. وعرفت فيما بعد أن المتصل كان مكتب اللواء زكي بدر، وزير الداخلية – كان قد تولى حقيبة الداخلية قبلها بقليل في مارس ١٩٨٦ – وأنه هو الذي سهّل لبليغ إجراءات السفر، وكان من أشد المعجبين بموهبة بليغ وألحانه، ومن أكبر المتعاطفين معه في أزمته. ومن بليغ حصل على رقم تليفوني باعتباري صديقه الدائم في باريس، وكان بيتي ومطعمي هما مقصده في زياراته المتكررة للعاصمة الفرنسية.»"
"وأضاف خطاب: «ومن المطار إلى فندق المريديان، حيث بات الأستاذ بليغ ليلته الأولى وظل نائمًا حتى المغرب. وكان الحكم قد صدر في الصباح بحبسه سنة، ولما ذهبت لإيقاظه، كان مزاجه سيئًا للغاية. نزلنا لتناول العشاء، ثم عاد إلى حجرته ليكمل نومه، وانهالت عليّ الاتصالات من القاهرة تسأل عن الأستاذ بليغ وتطمئن على وصوله، وحملت إليه قائمة بالمتصلين الذين يريدون التواصل معه، وبحسم قال: "ما تردش على حد".»"
نهاية الرحلة
بعد سنوات من الغربة، عاد بليغ حمدي إلى مصر بعد العفو عنه، لكنه لم يعد كما كان. عاش السنوات الأخيرة من حياته مريضًا وحزينًا على ما فقده، لكنه لم يتوقف عن الإبداع حتى لحظاته الأخيرة. ورحل بليغ في ١٢ سبتمبر ١٩٩٣، تاركًا وراءه إرثًا موسيقيًا خالدًا جعل منه واحدًا من أعظم الملحنين في تاريخ الموسيقى العربية، ولا تزال ألحانه تعيش في وجدان الأجيال حتى اليوم.