عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
"ترامب وهتلر" التاريخ يُعيد كتابة نفسه
تقرير
خط النار
شهد عبدالفتاح
3/25/2025


الرغبة في قيادة العالم والسيطرة عليه غالبًا ما تؤدي إلى اشعال الحروب العالمية، وهذا عادة يُخلف كوارث إنسانية، ويحول العالم إلى غابة كبيرة تتناثر فيها الأشلاء البشرية وتفوح منها رائحة الدم، لعل التاريخ خير شاهد على هذا؛ فإذا رجعنا بالزمن قرن واحد فقط سنذكر الحربين العالميتين اللاتين أخلفن الكثير من الآلام للبشرية، لكن في الحرب العالمية الثانية برزت شخصية حفرت التاريخ بالدم، وقادت العالم إلى حافة الهاوية بفضل قرارت متهورة ورغبة في التملك والسيطرة، شخصٌ ارتكب آلاف المجازر، وأشعل النيران في أجساد المئات من البشر، صاحب "الهولوكوست" ومؤسس ألمانيا النازية "أدولف هتلر".
صعود شخصية هتلر في ألمانيا
برز حزب العمال القومي الاشتراكي (الحزب النازي)، وسط حالة من الفوضى اجتاحت ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الأولى، كان الحزب واحد من بين عشرات الأحزاب التي تأسست حديثًا في ألمانيا ذلك الوقت، لكنه كان مُختلفًا؛ حيث اشترك أعضاؤه في عملهم العسكري وقتالهم في الحرب العالمية الأولى، وقد اتخذ الحزب الصليب المعكوف، الذي حُفر في الأذهان إلى اليوم لوجو له. ترأس ذلك الحزب شخص مجهول طالما حرص الحزب على عدم نشر اسمه أو صوره، واتخذ له اسم حركي "ڤولڤ"، وحاولت مجلة ألمانية ساخرة تخمين شكل زعيم الحزب، وكتبت مقالات مفادها أن زعيم الحزب شخصية ضعيفة، لأنها مستترة ولا تريد الظهور للناس. هنا قرر زعيم الحزب "ڤولڤ" أن يُفصح عن هُويته.
زعيم الحزب النازي كان "أدولف هتلر". كان هتلر معجب بأفكار الحزب كثيرًا وأيضًا أعجب الحزب بشخصية هتلر وطريقة كلامه ولغة جسده.
بدأ الحزب بنشر صور "هتلر"، صور أوحت بهتلر كشخص ديمقراطي لطيف، وأُخرى أظهرته بملامح الزعيم القوي كانت جميعها دعايا "لـ هتلر" حتى يصل إلى أعلى مكان ممكن في السُلطة.
بعض المواقف التي عاشها "هتلر" كونت شخصية سياسية مختلفة؛ فهذا الزعيم النازي لم يتردد لحظة في مهاجمة اليهود وتحميلهم مسؤولية الكارثة الاقتصادية التى ضربت ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى؛ باعتبارهم من كانوا يُديرون البنوك في أوروبا آنذاك.
أيضًا "هتلر" لم يتردد في مهاجمة الشيوعيين الذين كانوا يسيطرون على روسيا في تلك الحقبة. خطابات هتلر رآها الكثيرون خطابات عنصرية وعنيفة، لكنها كانت رنانة وتلقى صدى بين الناس، وهو ما جعل آلاف الألمان خلال فترة بسيطة يلتفون حوله وينتظرون ساعات لسماع خطاباته، الذي يعدهم فيها بأنه سيجعل ألمانيا عظيمة من جديد. كان هتلر مؤمن بكلامه في جعل ألمانيا من أقوى الدول سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا رغم أن ألمانيا آنذاك كانت في أسوء أحوالها.
هتلر قائد عبقري أم ديكتاتور مجنون؟
وصل "هتلر" إلى سُدة الحكم وتأكد أن الشعب يلتف حوله، بدأ النهوض بالجيش والسلاح الألماني لينجو بألمانيا التي خرجت من الحرب العالمية الأولى مهزومة، وبدأ "هتلر" بعقد تحالفات عالمية: مثل تحالفه مع اليابان، وتحالف مع "موسوليني" حاكم إيطاليا ليؤمن جنوب ألمانيا من أي هجوم، كما أعلن النمسا أرضٍ ألمانية. لكن هذا الأمر لم يروق للحلفاء الذين اعتبروها محاولة لفرض السيطرة واستعدادتٍ ضدهم، لكن "هتلر" برر ذلك بأنه لا يرغب في احتلال أي بلد أو السيطرة عليه لكن فقط يريد توحيد كل الشعوب التي تتحدث الألمانية تحت راية واحدة. لكن هذا الإعلان لم يطمئن الحلفاء أبدًا ووقع كالصاعقة في نفوسهم؛ لأنه يُبشر بأن هتلر في طريقه للسيطرة على المجر وتشيكوسلوفاكيا و بولندا، وهذا بالفعل ما حدث، ما كاد "هتلر" يضم النمسا حتى دخل إقليم السودت في سلوفاكيا، ثم توسع حتى سيطر على كامل الدولة. هنا أعلن الحلفاء استعدادهم لقبول ضم "هتلر" للنمسا وسلوفاكيا على شرط ألا يسعى لضم دول جديدة.
شعر "هتلر" آنذاك بالقوة وبدى أمامه موقف الحلفاء ضعيفًا؛ فطمع في المزيد من الهيمنة وبسط النفوذ على أراضٍ أكثر. بدأ "هتلر" تحضير اجتياح بولندا، لم يكن في ذلك الوقت أي قوة يمكنها الوقوف في وجه ألمانيا غير الإتحاد السوفيتي لذلك قرر "هتلر" إقامة معاهدة تاريخية معهم عام 1939، وكان مفادها إطلاق يد "الإتحاد السوفيتي" في جمهورية البلطيق وشرق بولندا مقابل إطلاق يد "ألمانيا" في غرب ألمانيا وباقي أوروبا الغربية والمعاهدة سارية لمدة 10 سنوات.
وقد حشد "هتلر" قواته واجتاح بولندا بالفعل برًا وجوًا بعد أن حاك مؤامرة لفعلها دون توجيه لوم من المجتمع الدولي عليه.
باجتياح ألمانيا للأراضي البولندية أُعلنت بذلك بداية الحرب العالمية الثانية.
حقق "هتلر" في ذلك الوقت نصرًا ساحقًا في بولندا وتمكن من السيطرة عليها هذا ما جعل الحلفاء يخشون هيمنته، وتوقعوا أنه لن يتوقف حتى يُحكم قبضته على أوروبا؛ لذلك أعلن الحلفاء الحرب على "هتلر"، فكانت النتيجة حرب دامية أودت بأرواح ما يقارب 60 مليون شخص واشتعلت في كل بلاد العالم.
"ترامب وهتلر" وجهان لعملة واحدة!
اليوم تغيرت خريطة العالم، وانتهى عصر "هتلر" وانتهى صراع الألمان أمام العالم، ولكن "هتلر" لازال باقيًا في الأذهان، ويُعاد تجسيد مواقفه وقراراته مرة أخرى، عبر رجل أقل ما يوصف به أنه "هتلر القرن الـ 21"، وهو رئيس الولايات المتحدة "دونالد ترامب".
"ترامب" يمتلك شخصية فريدة فهو مثل "هتلر"، دائمًا ما يستخدم خطابات عنصرية ومنها: خطابه ضد المهاجرين والمسلمين، ويضع اللوم عليهم في تخريب أمريكا، هو ما جعل البعض يتهمونه باستخدام خطابات هتلر لكن رد قائلًا: "أنا لم أقرأ كتاب كفاحي لزعيم النازية هتلر لكنهم قالوا لي أن هتلر قال ذلك بطريقة مختلفة".
يحاول "ترامب" دائمًا استقطاب الشعب الأمريكي حوله بالوعود التي يمنحها في جعل أمريكا عظيمة مجددًا، مع أسلوبه المُختلف والمتعجرف في إلقاء الخطابات، والتي تشبه تلك التي أخضع بها "هتلر" الألمان، ومكن نفوذه وسيطرته على عقولهم من خلالها.
"ترامب" يحاول دائمًا فرض هيمنته على العالم رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية فعليًا مُسيطرة سياسيًا وعسكريًا وثقافيًا واقتصاديًا من خلال العولمة، لكن هذا الأمر لا يكفِ "ترامب" فهو يريد تدخل عسكري كمثل "هتلر"، فقد لوح "ترامب" كثيرًا باستعداده للقيام بعمل عسكري ضد إيران، غير تلويحه بالإستيلاء على غزة وتحويلها لمستعمرة سياحية، فضلًا عن تغيير اسم خليج "المكسيك" إلى خليج أمريكا، ورغبته في ضم "كندا" كولاية إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
"ترامب" يمتلك نبرة تعالي يريد بها الهيمنة على العالم كما أنه صرح من قبل عن إعجابه بولاء الجنرالات الألمان لهتر ورغبته في كسب ولاء الجنرالات الأمريكان لصفه، وهذا يطرح تساؤلات حول مدى سير "ترامب" على خطى "هتلر" وما إذا كان العالم على شفا حفرة من حربٍ عالميةٍ ثالثة تشعلها القرارت السياسية التي يسوسها "ترامب" بشكل متهور!