عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
ترامب يعود بسياسات هجرة مشددة.. أزمة داخلية وانقسام في أمريكا
مقال
باروميتر
أحمد والي
6/11/20251 دقيقة قراءة


في يونيو 2025، شهدت الولايات المتحدة تصعيدًا ملحوظًا في ملف الهجرة، بعد أن وقّع الرئيس السابق دونالد ترامب قرارًا تنفيذياً يقيد دخول مواطني 12 دولة، وفرض قيودًا إضافية على سبع دول أخرى، هذه الخطوة تزامنت مع حملة ترحيل واسعة للمهاجرين غير الموثقين داخل البلاد، شملت اعتقالات جماعية في مدن مثل لوس أنجلوس، وإرسال قوات الحرس الوطني ومشاة البحرية، ما أدى إلى موجة من الاحتجاجات الغاضبة واحتدام الأزمة السياسية بين الحكومة الفيدرالية والولايات الليبرالية مثل كاليفورنيا.
ووفقًا لإحصائيات وزارة الأمن الداخلي الأمريكية، فقد تم اعتقال أكثر من 15,000 مهاجر غير موثق خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025، مع توقعات بزيادة الأعداد في الشهور القادمة -وفقًا لتقرير وزارة الأمن الداخلي-، هذه الحملات لم تقتصر على الاعتقال فقط، بل شملت أيضًا عمليات الترحيل السريعة، مما أثار مخاوف حقوقية واسعة.
هذه السياسات لا تقتصر على الجانب الأمني فقط، بل هي صراع سياسي حاد يعكس الانقسام العميق بين التوجهات اليمينية المتشددة والولايات التي تنتهج سياسات أكثر انفتاحًا. على سبيل المثال، ولاية كاليفورنيا تصنف نفسها كـ"ولاية ملاذ"، حيث تقدم الدعم القانوني والخدمات للمهاجرين بغض النظر عن وضعهم القانوني، بينما تعتمد ولايات مثل تكساس وأريزونا على تطبيق صارم لقوانين الهجرة.
على صعيد آخر، فإن هذه الخطوات تعيد إلى الأذهان فصولًا قديمة من تاريخ الهجرة في الولايات المتحدة، حيث كانت هناك حملات ترحيل وقوانين تعسفية استهدفت مجموعات معينة على أساس عرقي أو قومي، مثل حملة ترحيل المهاجرين المكسيكيين في ثلاثينيات القرن الماضي (Operation Wetback) التي أثرت على آلاف الأسر.
في خضم هذا الواقع المعقد، يقدم فيلم The Visitor صورة إنسانية عميقة لمعاناة المهاجرين غير الموثقين الذين يجدون أنفسهم في مواجهة نظام قانوني صارم وقاسٍ. الفيلم لا يركز فقط على الجانب القانوني، بل يغوص في الأبعاد الإنسانية، حيث يُظهر كيف تتلاشى حقوق الإنسان الأساسية في ظل سياسات قاسية تؤدي إلى التهميش وفقدان الكرامة، كما تدعم شهادات مهاجرين حقيقيين منشورة في تقارير حقوق الإنسان مثل تقرير منظمة العفو الدولية، هذه الصورة المؤلمة التي تعكس معاناة يومية يعيشها المهاجرون.
عندما نربط بين ما يجري في الواقع وبين قصة فيلم The Visitor، ندرك أن قضية الهجرة اليوم ليست مجرد نزاع سياسي أو أمني، بل هي معركة على جوهر الهوية الأمريكية نفسها، فالمهاجرون الذين يُعتبرون في بعض الأحيان أعداء للوطن، هم في الواقع جزء من نسيج هذه الأمة المتنوعة تاريخيًا وثقافيًا.
السياسات التي تُتخذ اليوم، سواء بإجراءات الترحيل أو القوانين التنفيذية، تصوغ رسالة واضحة حول نوع أمريكا التي يريد قادتها بناؤها: هل هي أمريكا "أمريكا أولاً" بمعنى ضيق يركز على التضييق والعزل، أم أمريكا التي تفخر بتاريخها كبلد يرحب بالتنوع والفرص؟ هذا الصراع السياسي لا ينعكس فقط في سياسات الهجرة، بل في كيفية تعريف مفهوم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان في هذا البلد.
في الوقت الذي تبرر فيه إدارة ترامب إجراءاتها بحماية الأمن القومي، تشير الاحتجاجات الشعبية والقضايا القانونية إلى أن هذه الإجراءات تُفاقم الانقسامات، وتزيد من التوترات الاجتماعية والعرقية، مما يهدد الاستقرار الداخلي للولايات المتحدة، وهذا ما يبرزه الفيلم بشكل إنساني عبر قصة أفراد يتعرضون للاضطهاد والظلم، لكنهم في الوقت ذاته يحملون الأمل في حياة أفضل.
من شهادات مهاجرين نشرتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" (Human Rights Watch, 2025)، نسمع قصصًا عن فقدان الوظائف، الفصل من المدارس، والانفصال عن الأسر بسبب الاعتقالات والتهديدات بالترحيل، مما يعكس حجم المعاناة الإنسانية التي لا تُرى في الأرقام فقط.
وفي النهاية، يفرض واقع الهجرة المعاصر على القادة الأمريكيين التفكير بعمق في كيفية التعامل مع ملف حساس يتجاوز كونه قضية أمنية ليصبح اختبارًا حقيقيًا لقيم الحرية والكرامة والتنوع، الفيلم والمقال معًا يقدمان لنا دعوة للتأمل: هل ستبقى أمريكا بلد المهاجرين، أو ستتحول إلى مجتمع يغلق أبوابه أمام التنوع الذي صنع منه قوته عبر التاريخ؟