عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
زاهي حواس بين المؤيدين والمعارضين.. دفاع مستمر وواثق عن حضارة مصر في مواجهة التشويه
مقال
باروميتر
أحمد والي
5/27/20251 دقيقة قراءة


في حلقة حديثة من بودكاست "جو روجان"، وقف الدكتور زاهي حواس، عالم المصريات المعروف، مدافعاً عن الحضارة المصرية القديمة في وجه سيل من المزاعم التي تهدد بتشويه هويتها التاريخية؛ موقف حواس لم يكن مجرد رد على تساؤلات إعلامية، بل كان بمثابة تأكيد صريح على أن الأهرامات المصرية ومعجزاتها المعمارية هي ثمرة جهد مصري خالص، قام به عمال ومهندسون مصريون، وليس نتيجة تدخل كائنات فضائية أو قوى خفية، كما يروّج البعض.
وكشخص مصري، أجد نفسي مؤيداً بالكامل لموقف الدكتور حواس، الذي يجمع بين المعرفة الأثرية العميقة والغيرة الوطنية الواضحة، فالهجوم على أصول الحضارة المصرية، سواء عبر نظريات "الأفروسنتريك" أو عبر خرافات تتعلق بالكائنات الفضائية، ليس نقاشاً علمياً بريئاً بقدر ما هو تقويض متعمد لهوية أمة تمتلك واحدة من أقدم الحضارات على وجه الأرض.
واستند حواس في دفاعه إلى أدلة أثرية دامغة، مثل برديات وادي الجرف التي توثق أعمال بناء الأهرامات، والمقابر المكتشفة لعمال البناء في الجيزة، والتي تؤكد التنظيم المعماري والإداري الذي ميّز مصر القديمة، كما جدد رفضه القاطع لنظرية أن الحضارة المصرية تعود إلى أصول سودانية أو إفريقية جنوبية، مشيراً إلى أن مملكة كوش حكمت مصر لاحقاً، ولم تترك أثراً حضارياً يُقارن بما أنجزته مصر الفرعونية.
وما يميز مواقف حواس أنه لم يكتفِ بالتصريحات الإعلامية، بل خاض معارك طويلة لاسترداد الآثار المنهوبة، وطالب بإعادة قطع مركزية مثل حجر رشيد وتمثال نفرتيتي، كما أسس مؤسسة للدفاع عن التراث والهوية، تساهم في نشر الوعي الأثري بين الأجيال الجديدة، وتعمل على التصدي للشائعات المنتشرة عالمياً.
صحيح أن بعض المنتقدين يرون أن أسلوبه المباشر والحاد قد يبتعد أحياناً عن الخطاب الأكاديمي البارد، لكن الواقع أن حماس حواس نابع من إدراكه لخطورة المعركة، ففي عصر المعلومات الزائفة، لا يكفي أن نمتلك الأدلة، بل يجب أن نوصلها بأسلوب مؤثر ومقنع.
وحواس يجيد توظيف الإعلام والثقافة لخدمة الحقيقة التاريخية، حتى وإن أثار ذلك الجدل. وفي رأيي، إن الدفاع عن الحضارة المصرية ليس مسؤولية زاهي حواس وحده، بل هو واجب وطني يقع على عاتقنا جميعاً، وما نحتاجه اليوم هو مزيد من الاستثمارات في صناعة المعرفة، من أفلام وثائقية عالية الجودة إلى حملات تثقيفية موجهة للعالم، تُعرّف بتاريخنا بلغة العصر؛ فالحضارة المصرية ليست مادة للترفيه أو الجدل العقيم، بل هوية حقيقية تستحق الدفاع والاعتزاز.
وفي هذا السياق، يُعد الدكتور زاهي حواس نموذجاً حياً للعالم الوطني الذي يوظف علمه وإعلامه لخدمة قضية كبرى، ومهما اختلفنا حول الأسلوب، تبقى الرسالة التي يحملها ضرورية، بل ملحة، في زمن تتعرض فيه الحقائق للتشويه والنسيان.



