عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
زها حديد: معمارية عربية تركت أثرًا في بقاع العالم
المراية
عمرو دياب عبدالفتاح
3/10/2025


وُلدت زها حديد في بغداد عام 1950، في أسرة عراقية عريقة عُرفت بالتقدّم الفكري والانفتاح الثقافي. كان والدها محمد حديد، السياسي البارز ووزير المالية السابق، صاحب تأثير كبير على طفولتها، حيث آمن بقوة التعليم في بناء المجتمعات. أما والدتها، فكانت فنانة تشكيلية، مما منح زها منظورًا فنيًا منذ الصغر، فأصبحت ترى الجمال في كل شيء حولها.
نشأت حديد في بيئة غنية بالأفكار والابتكار، وهو ما مهّد طريقها نحو بناء مسيرة عظيمة في مجال الهندسة المعمارية. بدأت مشوارها الدراسي في الجامعة الأمريكية ببيروت، حيث درست الرياضيات، لكنها سرعان ما أدركت شغفها الحقيقي، فانتقلت إلى لندن لدراسة الهندسة المعمارية في مدرسة الجمعية المعمارية، والتي تعد واحدة من أرقى المدارس المعمارية في العالم.
حققت زها حديد إنجازًا تاريخيًا عام 2004 عندما أصبحت أول امرأة تفوز بـجائزة بريتزكر للهندسة المعمارية، وهي أعلى جائزة تُقدَّم للمعماريين عالميًا. كان هذا الإنجاز بمثابة نقطة تحول في تاريخ الهندسة المعمارية، إذ كسرت حديد الصورة النمطية عن المهنة التي كانت لسنوات حكرًا على الرجال.
لم تكن هذه الجائزة مجرد تكريم لإنجازاتها، بل كانت إعلانًا صريحًا بأن النساء قادرات على تحقيق النجاحات في كل المجالات. اشتهرت زها بتصميماتها الجريئة والمبتكرة، التي مزجت بين الفن والهندسة والتكنولوجيا. ومن أشهر أعمالها: متحف ماكسي للفن المعاصر في روما، مركز حيدر علييف في أذربيجان، ودار الأوبرا في قوانغتشو بالصين.
لم تكن رحلة زها حديد سهلة، فقد واجهت تحديات كبيرة، سواء من حيث التصميمات المعمارية التي وصفها البعض بأنها مستحيلة التنفيذ، أو لكونها امرأة عربية تعمل في مجال يهيمن عليه الرجال. لكنها لم تتراجع أبدًا، بل اعتبرت تلك الصعوبات فرصًا لإثبات أن الإبداع لا يعرف حدودًا.
تميزت تصميماتها بالجرأة والانسيابية، حيث مزجت الأشكال الهندسية الحديثة مع الطابع المستقبلي، مما جعل مبانيها تحفًا فنية لا تُنسى.
آمنت زها حديد بأهمية التعليم، وعملت كأستاذة زائرة في العديد من الجامعات المرموقة، حيث كانت مصدر إلهام للطلاب والطالبات، خاصة في مجال الهندسة المعمارية، الذي كان يُنظر إليه لسنوات طويلة على أنه حكر على الرجال.
لم يكن تأثيرها فقط في مبانيها وتصميماتها، بل أيضًا في القيم التي زرعتها: الإصرار على تحقيق الأحلام، كسر الحواجز المجتمعية، والابتكار والتفكير خارج الصندوق.
رغم رحيل زها حديد عام 2016، إلا أن إرثها المعماري لا يزال حيًا، وأعمالها تُثبت أن المرأة العربية قادرة على الوصول للعالمية دون أن تفقد هويتها الثقافية.
لم تكن مجرد مهندسة معمارية، بل كانت رمزًا للإبداع والتحدي، واستطاعت أن تغيّر مفهوم العمارة الحديثة وتترك بصمة أبدية في عالم التصميم.