عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.

زكي طليمات.. صوت المسرح حين نطق بالعقل

تقرير

المراية

ميادة عيسى

5/1/2025

يصنع من الخشبة وطنًا، ومن الكلمة سلاحًا، ومن الفن رسالةً لا تموت ، في كل مشهد أخرجه، وفي كل ممثل آمن به، ترك زكي طليمات أثرًا لا يُمحى في الذاكرة المسرحية العربية ، لم يكن مجرد فنان، بل كان مؤسسًا لحلمٍ جمع بين الوعي والجمال ، وفي ذكرى ميلاده، نعود لنسترجع حكاية الرجل الذي علّمنا كيف ينطق المسرح بالعقل.

بداية الطريق

وُلد طليمات عام 1894 بمدينة دمياط، وتعلّق بالفن منذ الصغر ، التحق بمعهد التمثيل في مصر، ثم واصل رحلته العلمية في فرنسا، حيث درس في الكونسرفتوار، وتشرّب من المدارس المسرحية الأوروبية ، لم يعد إلى بلده بشهادة فحسب، بل برؤيةٍ، وبحُلمٍ لم يكن سهل التحقيق في وقتٍ كانت فيه الثقافة حكرًا على النخبة.

مسرح قومي

حين عاد إلى مصر، بدأ مشروعه الكبير: تأسيس المسرح القومي ، عام 1935، خطا أول خطوة في هذا الطريق الطويل، ووضع نواةً لفرقة مسرحية وطنية تُقدّم عروضًا باللغة العربية، وتهدف إلى إيصال المسرح لجمهور الشارع، وليس للصالونات ، لم يكن يؤمن بـ"التمثيل من أجل الترفيه"، بل بـ"التمثيل من أجل التغيير".

اكتشاف مواهب

لم يكن طليمات فنانًا أنانيًا، بل كان يرى في اكتشاف الآخرين امتدادًا له ، وقف وراء إطلاق نجوم كبار، أمثال: عبد الله غيث، وسناء جميل، وكرم مطاوع، وأمينة رزق. لم يكن يمنحهم أدوارًا فقط، بل كان يعطيهم المفاتيح الأولى للفن، ويؤمن بهم حتى عندما لم يكن يراهم أحد.

رسالة مسرح

المسرح عند زكي طليمات لم يكن مجرد عرضٍ فني، بل مساحةً حرةً لمواجهة الواقع، ونقاش المجتمع، وتفكيك التابوهات ، نقل على الخشبة قضايا الفقر، والجهل، والاستبداد، فحوّل المسرح من وسيلةٍ للهروب إلى وسيلةٍ للفهم ، وكان أول من دعا إلى استخدام المسرح في التعليم والتنوير.

مؤلفات خالدة

أغنى طليمات المكتبة العربية بعددٍ من الكتب التي لا تزال مرجعًا لكل دارسٍ للفن المسرحي، مثل: فن التمثيل، فن الإخراج المسرحي، ورحلتي إلى فرنسا ، كتب بأسلوبٍ سهل، يشرح الفن كما لو كان يدرّسه بحب، لا من برجٍ عاجي، بل من قلب الخشبة.

أثر باقٍ

لم تتوقف مسيرته عند حدود مصر، فقد ساهم في إنشاء فرقٍ مسرحية في دولٍ عربيةٍ أخرى، منها سوريا والكويت ، ترك بصمةً لا تُمحى في مسارحنا العربية، ونال أوسمة من دولٍ أجنبية، أبرزها وسام الفنون والآداب الفرنسي ، كما كرّمته الدولة المصرية وخلّدت اسمه على أحد مسارحها.

مسرح حيّ

في ذكرى ميلاده، نُدرك أننا لا نحتفل برجلٍ من الماضي، بل برؤيةٍ لا تزال تُنبت على خشبات المسرح كل يوم، زكي طليمات لم يكن مجرد فنان، بل فكرة حيّة تمشي بيننا، تُذكّرنا بأن المسرح لا يموت، طالما بقي فيه من يجرؤ على أن يقول الحقيقة.