عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.

زليخة الشهابي.. شُعلة النضال التي لا تنطفئ في ذاكرة فلسطين

المراية

منار تامر

3/12/20251 دقيقة قراءة

زليخة الشهابي... اسم يتردد في أروقة التاريخ الفلسطيني، متجاوزًا حدود الزمان والمكان، ليظل حكاية تُروى عبر الأجيال وتُخلّد في ذاكرة الوطن.

امرأة فلسطينية نشأت في أحضان الأرض الشاهدة على قسوة الاحتلال ومرار النكبة. لم تعرف الاستسلام، بل اختارت أن تكون سيدة المُعاناة والصبر، وشعاعًا للأمل والنور حتى في أحلك الظروف. نشأت وعاشت في ظل الاحتلال، وتحت قسوته التي سلبت منها أرضها ووطنها وذكرياتها، لكنها لم تساوم على هويتها ولا على حقها في العودة إلى أرض الوطن.

وُلدت المناضلة الفلسطينية زليخة الشهابي في فلسطين عام 1901، وحملت منذُ شبابها راية النضال الفلسطيني في قلبها، وسعت جاهدةً لتحقيق حلم التحرير. كانت أول من أطلقت صوتها في وجه الاستعمار البريطاني، حيثُ أسست في عام 1921 أول اتحاد نسائي فلسطيني، لتكون بذلك رائدة في إشراك النساء الفلسطينيات في العمل والنضال الوطني. ولم تقتصر جهودها على ذلك فقط، بل كان لها دور محوري في تأسيس الاتحاد النسائي العربي عام 1944، فكانت بذلك جسرًا بين نساء فلسطين وبقية الأقطار العربية في سعيهن المشترك نحو الحرية.

قادت زليخة الشهابي المظاهرات النسائية بشجاعة، اعتراضًا على اعتقال قادة الثورة الفلسطينية، لتثبت للعالم أن النساء الفلسطينيات لا يقتصر دورهن على المنازل فقط، بل لهن يد في صناعة التاريخ والمشاركة الفعالة في معركة الحرية.

منذ عام 1921، كان لها حضورٌ متميزٌ في مشهد المقاومة الفلسطينية، حيثُ أسست أول اتحاد نسائي فلسطيني، وكان هذا الاتحاد بمثابة إعلان عن قدرة المرأة الفلسطينية على النضال والوقوف في وجه الاستعمار البريطاني والمشروع الصهيوني. فقد كانت زليخة حجر الزاوية في كل تحرّك وصرخة ضد الظُلم، رافضةً الخضوع للواقع الذي يسعى لتهميشها، ولم تكن مجرد امرأة متأثرة بالأحداث من بعيد.

في عام 1929، استطاعت زليخة الشهابي أن تجمع 300 سيدة من شتى أنحاء فلسطين ليقدمن احتجاجًا جماعيًا ضد الهجرة اليهودية. وكان ذلك حين دعت إلى مؤتمر السيدات العربيات في القدس. ولم يقتصر نضالها وجهودها على السياسة فقط، بل ساهمت مع السيدة مينا السكاكيني في تنظيم حملات تعليمية مجانية لتعليم الفتيات العربيات القراءة والكتابة.

في عام 1936، شاركت زليخة الشهابي في تأسيس الاتحاد النسائي العربي في القدس، واحتلت مكانًا بارزًا في قيادة أول مظاهرة نسائية فلسطينية، وتوجهت بها لمقابلة المندوب السامي البريطاني للاحتجاج على اعتقال عدد من قادة الثورة الفلسطينية وإبعادهم في تلك السنة.

ولم تكتفِ بما حققته على أرض وطنها، بل في عام 1944 شاركت في تأسيس الاتحاد النسائي العربي في القاهرة، حيثُ جمعت قيادات نسائية من جميع أنحاء العالم، ليكون هذا الاتحاد خطوة جديدة نحو وحدة المرأة العربية في مناهضة الاستعمار.

عام 1950، أنشأت في القدس مستوصف الاتحاد النسائي الطبي ليصبح ملاذًا للحوامل، كما أسست في العام نفسه مركزًا لرعاية الأطفال. وفتح ذلك المركز آفاقًا أوسع لمشاريع أخرى، حيثُ تم على غراره إنشاء روضة للأطفال، ومركز لتعليم الفتيات مهارات التطريز والخياطة.

في عام 1952، شاركت إلى جانب إليزابيث ناصر وهند الحسيني في تأسيس دار للفتيات المتشردات، اللواتي فقدن الحياة الطاهرة وتحولت حياتهن إلى صراع مرير من أجل البقاء.

كانت إسهامات زليخة الشهابي تمتد لآفاق أوسع من ذلك، فكان لها دور في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها رئيسة للاتحاد النسائي، كما شاركت في تأسيس لجنة الإسعاف التابعة للجنة المقاومة الشعبية قبل عدوان 1967. ولم يكن يقتصر عملها على النشاطات السياسية فحسب، بل اهتمت أيضًا بتأسيس دار للمسنين في أريحا لضمان حياة كريمة لهم.

كانت زليخة تؤمن بأن النضال عملية تراكمية، وظلت تتابع نشاطاتها الوطنية والخيرية، وتعمل رئيسة للاتحاد النسائي العربي حتى أزعجت نشاطاتها السلطات الصهيونية. ولذلك، لقبت بـ**"عصفور الشمس الذي أزعجت زقزقته المحتلين"**. وفي عام 1968، قامت السلطات الصهيونية بإبعادها إلى عمان، حيثُ استقرت عدة شهور. لكن بعد ضغط من منظمات نسائية دولية ومحلية، تم السماح لها بالعودة إلى وطنها.

لم تكن زليخة الشهابي مجرد شخصية تاريخية، بل كانت رمزًا لروح المقاومة والصمود الفلسطيني الذي يتحدى الظروف مهما كانت قاسية. ساهمت زليخة الشهابي بصمودها ونضالها في كتابة جزء من تاريخ فلسطين، وما زال اسمها علامة فارقة في مسيرة النضال الفلسطيني، متنقلًا بين الأجيال كرمز للمرأ

ة التي تحدت كل الصعاب.