عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.

زيدان.. الأسطورة التي فضّلت الصمت على الصدام

تقرير

وجه آخر

أحمد والي

5/21/20251 دقيقة قراءة

زين الدين زيدان، أو كما يُلقب بـ"زيزو"، يُعد أحد أبرز أساطير كرة القدم العالمية، حيث جمع بين المهارة الاستثنائية، والقيادة داخل الملعب وخارجه، والتاريخ الحافل بالألقاب كلاعب وكمدرب؛ رغم اعتزاله اللعب منذ أكثر من 15 عامًا، لا يزال تأثيره حيًا في أوساط كرة القدم، سواء من خلال سجله التاريخي أو أسلوبه التدريبي الفريد.

ولد زين الدين زيدان في 23 يونيو 1972 في مدينة مارسيليا الفرنسية، لأسرة من أصول جزائرية تنحدر من منطقة القبائل، نشأ في حي شعبي يعج بالمهاجرين، وبرزت موهبته الكروية مبكرًا. انضم لأكاديمية "كان" ثم انتقل إلى بوردو، حيث بدأ يلفت الأنظار بأدائه الاستثنائي.

المسيرة الاحترافية: من بوردو إلى المجد الأوروبي

يوفنتوس (1996–2001)

انتقل زيدان إلى نادي يوفنتوس الإيطالي عام 1996، وهناك تألق تحت قيادة مارتشيلو ليبي، وساهم في فوز الفريق بالدوري الإيطالي مرتين، كما وصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا مرتين.

ريال مدريد (2001–2006)

في صفقة هي الأغلى في العالم وقتها (76 مليون يورو)، انتقل زيدان إلى ريال مدريد، حيث انضم لـ"جلاكتيكوس"، أحرز مع الفريق دوري أبطال أوروبا عام 2002 بهدف أسطوري في النهائي ضد باير ليفركوزن، لا يزال يُعد أحد أعظم أهداف النهائيات في التاريخ.

كما قاد زيدان منتخب فرنسا للفوز بكأس العالم 1998 على أرضه، مسجلاً هدفين في النهائي ضد البرازيل، ليصبح أيقونة وطنية. أتبعه بلقب يورو 2000، وبلغ نهائي مونديال 2006 في ألمانيا، قبل أن يطرد في مشهد لا يُنسى بعد نطحه لماتيرازي في آخر مباراة له كلاعب.

وعاد زيدان إلى ريال مدريد كمدرب عام 2016، وفي تجربة تدريبية استثنائية، قاد الفريق لتحقيق ثلاثية متتالية في دوري أبطال أوروبا (2016، 2017، 2018)، في إنجاز غير مسبوق في النسخة الحديثة من البطولة. تميز بأسلوب إداري هادئ وذكاء تكتيكي فاق التوقعات.

كان زيدان كلاعباً صانع ألعاب أنيقًا، يتميز بلمسة سحرية ورؤية استثنائية، ويمتلك قدرة على التحكم بالكرة تحت الضغط نادرًا ما وُجدت في لاعبين آخرين. كان يجمع بين القوة الجسدية والخيال الإبداعي.

أما كمدرباً، اعتمد على إدارة الغرف المغلقة بذكاء، وتعامل باحترام مع النجوم، وحقق توازنًا نادرًا بين الدفاع والهجوم، دون التورط في أفكار معقدة. كما أظهر مرونة تكتيكية في اللحظات الحاسمة.

ورغم كونه رمزًا لفرنسا، ظل زيدان فخورًا بأصوله الجزائرية، ولم يتنكر لجذوره. لطالما مثّل جسرًا بين الهويتين الفرنسية والمغاربية، وظل مثالًا للتعايش والتنوع في المجتمع الفرنسي.

الاعتزال والغموض

بعد فترتين ناجحتين كمدرب لريال مدريد، رفض زيدان عروضًا من أندية ومنتخبات كبرى، وسط ترقب دائم لعودته، يُربط اسمه كثيرًا بقيادة منتخب فرنسا بعد ديدييه ديشان، لكن حتى الآن، لا يزال "زيزو" يفضل الغياب الصامت، مما يزيد من هالة الغموض حوله.

ما يميز زيدان كمدرب وقائد، هو هدوؤه الاستثنائي وقدرته على التعامل مع أصعب النجوم دون افتعال أزمات أو الدخول في صراعات، اختار سياسة "القرب الصامت"، وكان يستمع كثيرًا ويتحدث قليلًا، هذه الكاريزما الهادئة منحته قدرة على التحكم في المواقف الصعبة حتى تحت ضغط الجماهير والإعلام.

ورغم شهرته العالمية، لم يكن زيدان من محبي الأضواء، علاقته بالإعلام ظلت فاترة، إن لم تكن متوترة، يتعمد الحفاظ على مسافة عاطفية، ويعبر عن نفسه من خلال النتائج لا التصريحات؛ حتى عند رحيله عن ريال مدريد، اتهم الإدارة بعدم منحه الثقة الكافية، مؤكدًا أن البيئة لم تعد تمنحه "الحب" المطلوب للاستمرار.

سواء داخل الملعب أو خارجه، زين الدين زيدان يبقى حالة استثنائية في عالم كرة القدم، لاعبًا عبقريًا ومدربًا فذًا، وملهمًا لأجيال من الرياضيين؛ لم يكن مجرد نجم عابر، بل تجسيد حيّ لما يمكن أن يصنعه الشغف، والانضباط، والموهبة الفطرية في مسيرة إنسان واحد.