عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.

الشرع وكوهين: تقاطع جاسوسية الماضي مع سياسة اليوم

تقرير

خط النار

شهد عبدالفتاح

5/24/20251 دقيقة قراءة

في مفارقة لافتة، يعود اسم الجاسوس الإسرائيلي الشهير "إيلي كوهين" إلى الواجهة مجددًا، بعد أن كان سببًا في توتر العلاقات بين سوريا وإسرائيل، ليصبح اليوم جسرًا دبلوماسيًا يعيد التواصل بين دمشق وتل أبيب برعاية أمريكية.

الخطوة أثارت تساؤلات...

فقد أثار قرار الرئيس السوري الجديد "أحمد الشرع" بتسليم أرشيف الجاسوس إيلي كوهين إلى إسرائيل، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية، خاصة أن الشرع كان سابقًا زعيمًا لفصيل جهادي، وهو ما يجعل الخطوة مثيرة للريبة والتكهنات. القرار اعتُبر بمثابة بادرة دبلوماسية لإعادة تموضع سوريا دوليًا، وتحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة وحلفائها بعد عقود من العداء.

وتشير تقارير غربية إلى أن الأرشيف الذي تسلّمته تل أبيب، ويتضمن آلاف الوثائق والصور والمقتنيات الشخصية، كان محفوظًا لدى الاستخبارات السورية منذ إعدام كوهين في 1965، وجاء تسليمه في إطار صفقة أوسع لفتح قنوات دبلوماسية جديدة.

من الإسكندرية إلى قلب دمشق

وُلد إلياهو كوهين، المعروف بـ"إيلي كوهين"، في 26 ديسمبر 1924 بمحافظة الإسكندرية، بعد أن هاجرت عائلته من حلب السورية إلى مصر. تلقى تعليمه في المدارس اليهودية بالقاهرة، ثم التحق بكلية الهندسة بجامعة الملك فاروق (جامعة القاهرة لاحقًا) عام 1942، قبل أن ينقطع عن الدراسة لينضم إلى منظمة الشباب الصهيوني في الإسكندرية خلال سنوات الحرب العالمية الثانية.

تحوّله نحو الصهيونية والعمل السري

مع تصاعد النشاط الصهيوني في مصر، خاصة بعد نكبة 1948، انخرط إيلي في عمليات سرية لصالح إسرائيل، بدعم من الجاسوس الشهير "إبراهام دار" (جون دارلن)، ضمن خلية نفّذت عمليات تخريبية ضد مصالح بريطانية وأمريكية في مصر، في إطار ما عُرف لاحقًا بفضيحة "لافون" عام 1954. أُلقي القبض عليه، ثم أُفرج عنه لاحقًا قبل أن يُعتقل مجددًا بعد العدوان الثلاثي على مصر، ليغادر بعدها نهائيًا إلى فلسطين المحتلة.

التجهيز لمهمة سوريا

بعد استقراره في إسرائيل وزواجه من يهودية عراقية، تم اختياره من قبل الاستخبارات الإسرائيلية لمهمة استخباراتية في سوريا، مستفيدين من ملامحه العربية وثقافته الشرقية. خضع لتدريب مكثف على أجهزة الاتصال السرية، وتمت صناعته كشخصية وهمية تدعى "كامل أمين ثابت"، رجل أعمال سوري مقيم في الأرجنتين.

دخوله سوريا باسم مستعار

انطلقت الخطة عبر الأرجنتين، حيث عاش كوهين لسنوات، ممارسًا دوره الجديد بإتقان. وفي عام 1962، دخل الأراضي السورية عبر لبنان، وبدأ في التسلل إلى دوائر السلطة والأمن، مستغلًا شخصيته الجديدة ونفوذه الاقتصادي المزعوم.

كوهين الذي فجر التوتر

تمكن كوهين من الوصول إلى أعلى المستويات داخل أجهزة الحكم السوري، وشارك في اجتماعات عسكرية حساسة، ما سمح له بنقل معلومات استراتيجية لإسرائيل ساهمت في انتصاراتها اللاحقة، خصوصًا في حرب 1967. لكن في عام 1965، نجح الأمن السوري في رصده، وأُلقي القبض عليه، قبل أن يُعدم شنقًا في ساحة عامة بدمشق.

قضية لا تزال حيّة

لم تُغلق صفحة كوهين رغم مرور عقود، بل ظلّ اسمه رمزًا لأخطر عمليات التجسس في المنطقة. واليوم، يعيد أرشيفه فتح جراح الماضي، ويشكّل مدخلًا لتحول جديد في العلاقات بين أعداء الأمس.