عاجل: اندلاع حريق في مصنع كيماويات بمركز بلبيس في الشرقية والدفع بسيارات إطفاء لإخماد النيران وفق صحف محلية.
من عتريس إلى عبد الناصر.. شادية تتحدى السلطة في «شيء من الخوف»
سلسلة تقارير : فنانون في مواجهة الرقابة
خط النار
ندى محمد
5/17/20251 دقيقة قراءة


في فيلم "شيء من الخوف"، اجتمع صلاح ذو الفقار منتجًا جريئًا، وشادية نجمة لا تعرف التراجع، ليقدما معًا واحدًا من أهم أفلام السينما المصرية، لم يكن الفيلم مجرد عمل فني، بل كان معركة حقيقية ضد الرقابة والاتهامات السياسية، خاضها ذو الفقار بإيمانه بالمحتوى، ودافعت عنها شادية حتى وصلت رسالة الفيلم إلى الرئيس عبد الناصر نفسه، وسط هذا التحدي، وُلد فيلم استثنائي جمع بين قوة الأداء وعمق الرمزية، ليبقى شاهدًا على شجاعة فنانين آمنوا بدور السينما في مواجهة الظلم.
افتتاح بصري موسيقي يرسم ملامح القهر والخوف
تبدأ مقدمة فيلم "شيء من الخوف" بلوحات تشكيلية للفنان يوسف فرنسيس، أشبه بالجداريات المعاصرة، تُجسد وجوهًا لبسطاء معذّبين وحائرين في مواجهة بطش قلة متحكمة في المصير، وترافق هذه الصور أغنية "يا عيني يا عيني يا عيني على الولد" من كلمات عبد الرحمن الأبنودي وألحان بليغ حمدي، لتضع المشاهد في أجواء قرية مجهولة الزمان والمكان، يغمرها الخوف ويثقلها الحقد والغموض.
رمزية سياسية تضع الفيلم في مرمى الرقابة
يحمل فيلم "شيء من الخوف" الكثير من الرموز، حيث ترمز شخصية عتريس إلى السلطة الظالمة، بينما ترمز شخصية فؤادة إلى مصر التي لا يستطيع الظغاة قهرها، وفي عام 1969، وبعد الدعاية الترويجية للفيلم، حاولت بعض الجهات الرسمية منعه من العرض، بزعم أن شخصية عتريس ترمز إلى رئيس مصر آنذاك، جمال عبد الناصر، وفي إطار مجاملة السلطة، قامت الرقابة السينمائية بمنع عرض الفيلم مرتين.
شادية ضد الرقابة.. معركة من أجل الفن
قامت الفنانة شادية بتحدي هذا القرار، معلنة عدم استسلامها له، ولأن زوجها صلاح ذو الفقار هو منتج العمل، استمر تصوير الفيلم لمدة تسعة أشهر بمجهود كبير، كما خاضت شادية معركتها دفاعًا عن الفيلم في الصحف والمجلات، ووجهت خطابًا إلى الرئيس جمال عبد الناصر تطلب فيه مشاهدة الفيلم بنفسه والحكم عليه، استجاب عبد الناصر وطلب من أنور السادات إحضار نسخة من الفيلم، وشاهده برفقته، وبعد مشاهدة العمل مرتين، ابتسم قائلًا إنه لا يرى أي إسقاط سياسي في العمل، وإن شخصية "عتريس" لا تمثله، مضيفًا:
"ولو كنت مثله، لكنت أستحق ما حدث له وأكثر ."
حقيقة تشبيه شخصية عتريس
وعن حقيقة تشبيه شخصية عتريس في فيلم "شيء من الخوف" بالرئيس جمال عبد الناصر، روى الأديب ثروت أباظة في كتابه "ذكريات لا مذكرات" أن شخصًا كان وراء اتهام الفيلم، وهو الذي كتب السيناريو صبري عزت، بينما كتب الحوار الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي، وذكر أن هذا الشخص أساء إلى السلطة قائلاً:
"قبل أن يتم كتابة السيناريو، تبرع أحد الأصدقاء بمكتب الدكتور ثروت عكاشة، وزير الثقافة في ذلك الوقت، بتقديم تقرير للوزير يزعم فيه أن الرواية تهدف إلى مهاجمة رئيس الجمهورية، وأنها هجوم عنيف على السلطة والحكم بشكل عام."
أما الأديب نجيب محفوظ، فذكر في كتاب "صفحات من مذكرات نجيب محفوظ" للناقد الكبير رجاء النقاش، أن عبد المنعم الصاوي، وكيل وزارة الثقافة في ذلك الوقت، هو الذي لفت أنظار السلطة إلى الرواية، وأكد أن ثروت أباظة يقصد الرئيس عبد الناصر بشخصية عتريس، وأن زواجه من فؤادة التي تجسد مصر باطل، وعندما شاهد عبد الناصر الفيلم، سمح بعرضه فورًا، وقال جملة مشهورة لا تُنسى:
"لو إحنا الحرامية، وأنا عتريس يبقى مانستاهلش نقعد في الحكم."
من حريق حقيقي إلى تأثر الأطفال
في كواليس التصوير، تم تصوير مشهد حرق عتريس بشكل عشوائي، حيث أحاط أهل القرية المنزل بالنيران، وكان بداخل المنزل كل من شادية ومحمود مرسي، اشتعلت الجدران وتم إخراجهما من الموقع بأعجوبة، بعد أن كاد الحريق أن يتسبب في كارثة، كما واجهت الطفلة عزة، التي لعبت دور الطفلة فؤادة في الفيلم، صعوبة في التمثيل رغم حفظها للدور، بسبب خوفها من شخصية "الجد عتريس" التي جسدها محمود مرسي، وخاصة مع المكياج القاسي الذي كان يميز دوره.
الظلم والتحرر.. قصة عتريس وفؤادة في "شيء من الخوف"
يروي فيلم "شيء من الخوف" قصة عتريس، الجبار الذي يفرض إتاوات على أهل قرية الدهاشنة، ويستعين بمجموعة من الرجال كعصابة لفرض سلطته واستغلال سكان القرية، في الوقت نفسه، كانت الطفلة فؤادة تربطها علاقة طفولية مع حفيد عتريس، الذي يُدعى أيضًا عتريس، ومع مرور الوقت، كبرت فؤادة وكبر عتريس، وتعاهدا على الزواج بشرط أن يبتعد عن أعمال الظلم والتسلط مستفيدًا من نفوذ جده.